ثُمَّ في هذا الزمان فرط كثير من المسلمين في الرضا بحكم الله، شرعاً، وكوناً، وقدراً، فضعف الرضا، واليقين، واتبعت الشهوات والشبهات، وتأثر المسلمون بالطرق الشيطانية، الصارفة عن الرضا بقضاء الله.

ولو ضربنا أمثلة عن التقصير، في الرضا بالقضاء الشرعي، أو القضاء الكوني في كل ميدان من ميادين الحياة العملية، والعلمية، التجارية، والسياسية، الدينية، والمالية، الأسرية، والاجتماعية، لطال بنا المقام.

ولكن أترك الأمر للقارئ الكريم؛ ليطبق ما ذكرته في هذا البحث المتواضع، على واقع الناس في هذا الزمان، آملاً ألا يغفل جانباً من جوانب الحياة، سائلاً المولى عزّوجل أن يكتب المغفرة للجميع.

فلهذا وذاك رأيت أن أكتب في الرضا بالقضاء؛ للحاجة الملحة إلى ذلك، ولأنني لم اطلع على كتابة في الموضوع، مفردة، مرتبة متناولة لكل مسائل الرضا بالقضاء، على هذا الترتيب الذي جعلته في هذا البحث.

وقد اشتمل البحث على هذه المقدمة، وعلى تعريف الرضا والقضاء والقدر في اللغة والاصطلاح وبيان حقيقة الرضا بالقضاء، وأقوال الناس فيه، وهل الرضا مقام أم حال؟ ، والصلة بين الرضا والتوكل، والأمر بالرضا والحث عليه، في القرآن والسنة وأقوال السلف، ثُمَّ الرضا بفعل الله، وحكم الرضا به، والقضاء الشرعي وأدلته، وحكم الرضا به، والقضاء الكوني القدري وأدلته، والمراد به، وأقسامه:

1 - الموافق لمحبة العبد، وإرادته، ورضاه، وحكم الرضا به.

2 - ماجاء على خلاف مراد العبد ومحبته مِمَّا لايلائمه ولايدخل تحت اختياره، وهو قسمان أيضاً:

أ) - ما للعبد فيه استطاعة، واختيار، وإرادة في منازعته ومدافعته بكل ممكن، وحكم الرضا به.

ب) - ما ليس للعبد فيه اختيار، ولا طاقة، ولا حيلة في منازعته ومدافعته، وحكم الرضا به.

ثُمَّ حكم الرضا بالمصائب، وأقوال العلماء في ذلك، وبيان الراجح منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015