ولكَ في مضارع آمَنَ وآذَنَ (1) واسمِ الفاعل منه وفي نحوه ضربان: تخفيفُهَا وتحقيقُهَا، ولكِلا الأمرين وَجْهٌ فجهةُ التَّحقيق أنَّكَ كنتَ خفَّفْتَ في الماضي لاجتماع همزتين، وفي المضارع لاجتماع همزتين أو ثلاثٍ. فإذا زال المعنى الموجِبُ للتَّخفيف رَجَعْتَ إلى التَّحقيق، فقُلْتَ: يُؤْمِنُ، ومُؤْمِن، فخفَّفْتَ الفاءَ التي كنتَ أبدَلْتَ لاجتماع الهمزتين لزوال اجتماعهما، والتَّخفيفُ عندي أقوى في مقاييس العربيَّة وأَوْجَهُ؛ لأنَّ الأفعالَ المعتلَّةَ إذا لَحِقَ بناءً منها علَّةٌ لمعنى أُتبِعَ سائرُ الأبنيةِ العاريةِ من تلك العلَّة المعتلَّ. يَدُلُّكَ على ذلك قولُهُم: يقومُ، ويبيعُ، وأَقَالَ، ويُقِيلُ، ويَعِدُ، ونَعِدُ، وأَعِدُ ويُكرِمُ، فكما تُعَلُّ هذه الأشياءُ لإتباع بعضها بعضاً، كذلك يُعَلُّ ((يؤمِنُ)) و ((مؤمن)) لإتباعه ((آمَنَ)) . بل الإعلالُ للإتباع في هذا يزدادُ قوَّةً وحُسْناً على غيره؛ لأنَّهُ يَلزَمُهُ أيضاً الاعتلالُ في قولهم: ((أُؤْمِنُ)) للإبدال.
فإذا أُتبِعَ ما اعتلَّ في موضعٍ واحدٍ سائرَ الأبنية نحو ما مثَّلنا، فما اعتلَّ في موضعَين أَولى بالإتباع (2) ، وما ذَكَرْنَاهُ من الحجَّة لإيثار التَّخفيف حُجَّةٌ لأبي عمرٍو في قراءته: