((إنْقَحْل)) (1) . وأيضاً ففي النِّسبة مثل: تَحَوِيٌّ إذا أضفْتَ إلى ((تحيَّة)) ، فهذا لكَ فيه بعضُ الاستئناس أنه قد يجيء في بناء النِّسبة ما لا يجيءُ في غيره. ولا يَبعُدُ هذا،كما جاء مع الهاء بِنَاءٌ لم يجئ بلا هاءٍ، والتَّاءُ وياءُ النِّسبة أَختان. ألا ترى أنَّ ((زنجيّاً)) و ((زنجاً)) كثيرٌ، مثل شَعِيرةٍ وشعير (2) . فكما جاء (مَفْعُلَة) مع الهاء، ولم يجئ بلا هاءٍ كذلك يجوز أن يكون مع ياءَي النَّسب ما لا يجيءُ مع غيرهما لمشابهتهما لهما فيما ذَكَرْنَا (3) .
ولماَّ كانت الفاءاتُ من ذوات الثَّلاثة كما ذَكَرْنَا في انقسامها بعدد حروف العلَّة، وكان هذا البناءُ يُنقَلُ إلى (أَفْعَلَ) بالهمزة لمعانٍ سِوَى الإلحاق، نُقِلَ ما كان الفاءُ منه هَمْزةً، كما نُقِلَ غيرُهُ وزِيدَتْ فيه الهمزةُ وذلك نحو: آمَنَ وآتَى وآذَنَ. وشَرْطُ المضارع أنْ ينتظِمَ حروفَ الماضي إلا ما استُثْنِيَ من هذه الهمزة وغيرِها، فكما أنَّ المحذوفَ من نحو: ((أَكْرَمَ)) و ((أَقْعَدَ)) في المضارع الهمزةُ دون الفاء، كذلك المحذوفُ ممَّا كانت فاؤُهُ همزةً هذا الحرفُ الزَّائدُ دون الذي هو فاءٌ.
فقولُهُ في آخِرِ الفصل الذي كتبناه: ((حُذِفَت الهمزةُ التي هي فاءُ الفعل (4)) ) سَهْوٌ بَيِّنٌ، والتَّذكير بما ذَكَرْنَاه من هذا يُجزِئُ عن الاحتجاج والإكثار، ولولا أنَّ غَرَضَنَا في هذه المسائل إصلاحُ مواضعِ السَّهْو لَتَرَكْنَا ذِكْرَ هذا وما أشبَهَه لوُضُوحِهِ، وتجاوَزْنَاهُ إلى غيره.
ألا ترى أنَّ آمَنَ مثلُ أَقْعَدَ، فكما تقولُ: يُقْعِدُ فتَحْذِفُ الهمزةَ وتُثبِتُ الفاءَ، كذلك في قولك: يُؤْمِنُ، تحذِفُ الهمزةَ الزَّائدةَ ل (أَفْعَلَ) ، وتُثْبِتُ التي هي فاءٌ.