وأمَّا ((الأُرْبِيَّة)) [لأصلِ الفَخِذِ] (1) فتكون (أُفْعُولَة) مِن رَبَا يَرْبُو أُرْبِيَّةً لارتفاعِهِ على سائر أعْظُمِ الرِّجْلِ في النِّصْبَةِ، أو لزيادتها عليه في الخِلْقَة.

وإنْ شئتَ كان (فُعْلِيَّة) من ((الإِرْب)) الذي هو بمعنى التَّوَفُّر (2) ، من قوله في الحديث: ((أنَّهُ أُتِيَ بِكَتِفٍ مُؤَرَّبَةٍ)) (3) ، ومن قولهم: ((فلانٌ أَرِيبٌ)) (4) إذا وُصِفَ بالكمال وتوفُّرِ العقل. وقال أبو بكرٍ محمَّدُ بنُ الحسنِ بنِ دُرَيد (5) : ((قالوا: جاء فلانٌ في أُرْبِيَّةٍ؛ إذا جاء في جماعةٍ من قومه)) .

فأمَّا ((الأُثْبِيَّةُ)) للجماعة ف (أُفْعُولَة) ؛ لقولهم: ثُبَةٌ، فالمحذوفُ اللامُ، وقالوا: ((ثَبَّيْتُ الرَّجُلَ)) (6) إذا جمعْتَ محاسِنَهُ، فالهمزةُ زائدةٌ ولا تكون فاءً.

* * *

مسألةٌ من هذا الباب (7) :

أنشَدَنا مَن نَثِقُ بروايته عن الدِّمَشْقيِّ (8) عن قُطْرُبٍ (9) للأعْشَى (10) :

وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ

بَنَاهُ وَصَلَّبَ فِيْهِ وَصَارَا

قال أبو عليٍّ:

فقوله: ((أَيْبُلِيٌّ)) لا يخلو من أحد أمرين:

إمَّا أن يكونَ الاسمُ أعجمياً أو عربيّاً، فإن كان الاسمُ أعجميّاً فلا إشكالَ فيه؛ لأنَّ الأعجميَّ إذا عُرِّبَ لا يُوجِبُ تعريبُهُ أن يكونَ موافقاً / لأبنية العربيِّ (11) ، وإن كان عربياً جاز عندي أن يكونَ أَيْبُليٌّ (فَيْعُلِيٌّ) (12) من قوله (13) :

بِهِ أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيْعٍ ...

ونحوِه، إذا اجتزَأَتْ بالرُّطْب عن الماء (14) . فكذلك هذا الرَّاهِبُ قد اقتصر بما على هَيكَلِهِ، واجتزأ به، وانقطَعَ عن غيره.

فإن قلتَ: فقد قال سيبويهِ (15) : ليس في الكلام على مثل: (فَيْعُل) ، فكيف يصحُّ ما ذَكَرْتَه من ((أيْبُليٌّ)) ؟

فإنِّهُ يجوزُ أنْ يكونَ لم يَعْتَدَّ بهذا الحرف لقلَّتِهِ، وقد فعل مثلَ ذلك في حروف نحو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015