فعلى هذا وجْهُهُ. و ((أُثْفِيَّةٌ)) على قياس قوله هذا (أُفْعُولَةٌ) (1) . قال: أحمدُ ابنُ يحيى (2) عن ابن الأعرابيِّ (3) : جاء فلانٌ يَثْفُوهُ، ويَثْفِيهِ، ويَثِفُهُ، ويَكْسُوهُ، ويَذْنُبُهُ، ويَدْمُرُهُ،كُلُّهُ بمعنًى واحدٍ. ف ((يُؤَثْفَيْنْ)) على هذا (يُؤَفْعَلْنْ) ، ويجوزُ أنْ يكونَ (يُفَعْلَيْنْ) مثل: يُسَلْقَيْنْ (4) .
قال أبو زيدٍ (5) : (( [يقالُ] : تأثَّفْنَا بالمكان إذا أَلِفُوهُ ولم يَبْرَحُوهُ)) ، ف ((يُؤَثْفَيْنْ)) على هذا (يُفَعْلَيْنْ) ، وأُثْفِيَّة (فُعْلِيَّة) ، ومن كلا المعنيين يجوز أن نأخُذَ أُثْفِيَّةً؛ لأنَّهُم يَصِفُونها في أشعارهم بالخُلُود والإقامة والعَكْفِ والرُّكُود. وتأثَّفنا: أقَمْنَا، كما أنَّ يَثْفُوهُ: قَامَ مَقَامَه. وحَمْلُهَا على أنَّهَا (أُفْعُولَة) والهمزةُ زائدةٌ كأنَّهُ أقوى؛ لأنَّ هذه الكلمةَ أكثَرُ تصرُّفاً، ولا يمتنعُ الوجهُ الآخَرُ.
ويجوزُ في ((أُثْفِيَّة)) في مَنْ جعَلَها (أُفْعُولَة) أنْ تكونَ اللاَّمُ ياءً إذا أخَذَه مِن ((يَثْفِيه)) ، ويجوزُ أنْ تكونَ واواً. وكونُهُ من الواو أكثَرُ؛ لأنَّ ((يَثِفُهُ)) لا يكونُ إلاَّ من الواو.
فإن قلتَ: هلاَّ قلتَ: إنَّهُ من الياء (6) مِن قولِ مَنْ قال: يَثْفِيْه؛ إذ لو كانت من الواو (7) لَصَحَّت؛ لأنَّهُ لا شيءَ يُوجِبُ قلبَهَا ياءً من كسرةٍ وياءٍ مُدغَمٍ فيها؟
قيل له: إنَّ (أُفْعُول) قد تُقلَبُ اللامُ فيه إذا كانت واواً كثيراً؛ ألا تراهم قالوا:
((أُدْحِيُّ النَّعَامِ)) (8) وهو مِن دَحَا يَدْحُو. وحروفٌ كثيرةٌ مثله، فكذلك ((أُثْفِيَّة)) .
فأمَّا قولهم: ((الأُرْوِيَّة)) للأنثى من الوُعُول، فقد شرحناه في ((المسائل المشكلة)) (9) .