فالحرفُ الأوَّلُ المعتلُّ من بنات الثَّلاثة ينقسمُ بانقسام حروف العلَّة وهي: الياءُ والواوُ والهمزةُ، والذي يطَّرِدُ حذفُهُ من ذلك الواوُ من المضارع إذا كانت فاءً واقعةً بين ياءٍ وكسرةٍ، ثمَّ يتبَعُ سائرُ حروف المضارَعَةِ الياءَ، فتُحذَفُ الواوُ معهنَّ كما حُذِفَت معها، ولا تُحذَفُ في غير (يَفعَلُ) .

فأمَّا الياءُ إذا كانت فاءً، فلا يُحذَفُ في المضارعة كيف كان بناؤُهُ. وحَكَى سيبويهِ (1) على جهة الشُّذوذ: ((يَئِسُ)) مثل: يَعِدُ.

ونظيرُ هذا في القلَّةِ ما حَكَى من / قولهم في مضارع ((وَجَدَ)) : يَجُدُ (2) .

والهمزةُ مثل الياء في الإتمام وتركِ الحذف إلاَّ ما جاء من قولهم: كُلْ وخُذْ.

والضَّرْبُ الآخَرُ الذي يُحذَفُ فيه الحرفُ الأوَّلُ من الثُّلاثيِّ ذي الزِّيادة الثَّابتِ في الماضي من المضارع هو بناءُ (أَفْعَلَ) نحو: أَكْرَمَ، وأَعْطَى، وآمَنَ، وهذه الهمزةُ تُحذَفُ في المضارع كراهيةً لاجتماع الهمزتَين،كما ذَكَرَ سيبويهِ (3) ، ثمَّ أُتبِعَ سائرُ الحروف الهمزةَ، كما أُتبِعَ في باب ((وعَدَ)) الياء.

والدَّليلُ على أنَّ حذْفَهَا لكراهية التقائهما: أنَّهُ حيثُ أُبدِلَ منها حرفٌ مُقارِبٌ لها أُتِمَّ ولم يُحْذَفْ، فقالوا: يُهَرِيقُ (وجاء على ما كان يَلزَمُ أن يكونَ عليه هذا المثالُ، هذا في مَنْ فَتَحَ فقالَ: يُهَرِيقُ) (4) . فأمَّا مَنْ أسْكَنَ فقالَ: أَهْرَقْتُ أُهْرِيقُ، فإنَّهَا عنده مِثْلُ: أَسْطَعْتُ وأُسْطِيعُ. جعَلَ الهاء عِوَضاً ممَّا دخل الكلمةَ من الضَّعف والتَّهيُّؤ للحذف في الجزم والوقف، كما أنَّ السِّينَ في ((أسْطَعْتُ)) كذلك، وحذفُها مطَّرِدٌ في الكلام، وربمَّا أثبَتَهَا الشَّاعرُ في الضَّرورة. أنشَدَ سيبويهِ (5) :

كُرَاتُ غُلاَمٍ في كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ

فأمَّا قولُهُ (6) :

وَصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015