فذلك غيرُ جائزٍ من أجل أنَّ هذه الأسماءَ المقسَمَ بها المنْجَرَّةَ بالواو قد تُلُقِّيَتْ بما هو أجوبةٌ لها؛ ألا ترى أنَّ قولَهُ تعالى: {وَالْقَلَمِ} (1) قد أُجِيب بقوله: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} .

وكذلك {صَاد} وسائرُ هذه الأسماء المقسَم بها.

فالوجْهُ عندنا فيمَن فَتَحَ شيئاً من هذه الفواتح أنْ تُحْمَلَ على التقاء السَّاكِنَين، كما أنَّ مَنْ كَسَرَ لم يكُنْ إلاَّ كذلك.

* * *

المسألة الخامسة

قال (2) في قوله - عز وجل -: {الَّذِيْنَ يُؤْمِنُوْنَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيْمُوْنَ الصَّلاَةَ} [البقرة: 3] بعد كلامٍ كثيرٍ ذَكَرَه في حذف الهمزة من (أَفْعَل) الذي هو فعلٌ ماضٍ في المضارع:

((الأصلُ في (يُقِيم) : يُؤَقْيِمُ ولكنَّ الهمزة حُذِفَت لأنَّ الضَّمَّ دليلٌ على ذوات الأربعة، ولو ثَبَتَ لوَجَبَ إذا أنبأتَ عن نفسِكَ (أن تقولَ) (3) : أنا أُؤَقْيِمُ (4) ، فتجتمعُ همزتان فاستُثْقِلَتَا، فحُذِفَت الهمزةُ التي هي فاءُ الفعل، وتبعَ سائرُ الفعل ذلك)) .

قال أبو عليٍّ (أيَّدَهُ الله) (5) :

اعْلَمْ أنَّ الأفعال لا تخلو من أن تكون ثلاثيةً أو رباعيةً، والثلاثيةُ لا تخلو من أن تكون أصولاً أو ذواتَ زوائِدَ وكذلك الرباعيُّ، وجميعُ هذه الأصناف في اختلافها تَنْتَظِمُ أبنيَةُ مُضَارِعِهَا ما يتضمَّنُ أمثلةَ ماضيها إلاَّ أنْ يكونَ الأوَّلُ حرفاً مجتَلَباً في الابتداء لسُكُونِ ما بعدَه، أو حرفَ علَّةٍ. وحروفُ العلَّةِ: الواوُ والياءُ والهمزةُ. فالأوَّلُ الذي يُحذَفُ فيه حرفُ العلَّةِ في المضارع على ضربَين:

أحدهما: أنْ يكونَ الحرفُ أوَّلَ ثلاثيٍّ أصلٍ.

والآخَرُ: أن يكون أوَّلَ ثلاثيٍّ ذي زيادةٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015