ومن السنة قوله ش: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة)) متفق عليه (1) .

الشاهد من الحديث: قوله ش: ((من أحصاها)) .

ووجه الاستشهاد: أن معنى من أحصاها: أي حفظها ألفاظاً، وفهم معانيها ومدلولاتها، وعمل بمقتضياتها وأحكامها.

فالعلم بأسماء الله وصفاته واعتقاد تسمي الله واتصافه بها هو من العبادة وإدراك القلب لمعانيها، وما تضمنته من الأحكام والمقتضيات، واستشعاره وتجاوبه لذلك بالقدر الذي يؤدي إلى سلامة تفكيره واستقامة سلوكه، هو عبادة أيضاً.

فأهل السنة يؤمنون بما دلَّت عليه أسماء الله وصفاته من المعاني، وبما يترتب عليها من مقتضيات وأحكام، بخلاف أهل الباطل الذين أنكروا ذلك وعطَّلوه.

ويجب تحقيق المقتضى والأثر لتلك الصِّفات، فلكُلِّ صفة عبوديةٌ خاصةٌ هي من موجباتها ومقتضياتها -أعني من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها- فعلم العبد بتفرُّد الرَّبِّ بالخلق والرِّزق والإحياء والإماتة، يُثمر له عبودية ((التوكل)) .

وعلم العبد بجلال الله وعظمته وعزِّه، يُثمرُ له الخضوع والاستكانة والمحبة.

فالسَّلف يؤمنون بأسماء الله وصفاته، وبما دلَّت عليه من المعاني والأحكام، أما كيفيَّتها فيفِّوضون علمها إلى الله.

وهم برآء مما اتَّهمهم به المعطلة الذين زعموا أن السلف يؤمنون بألفاظ نصوص الأسماء والصِّفات، ويُفوِّضون معانيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015