وقال أيضاً: ((وأما لفظ المشبهة، فلا ريب أن أهل السنة والجماعة والحديث من أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم متفقون على تنزيه الله تعالى عن مماثلة الخلق، وعلى ذم المشبهة الذين يشبِّهون صفاته بصفات خلقه ومتفقون على أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله)) (1) .
النقطة الرابعة: وهي اليأس من إدراك كنهها وكيفيتها.
التكييف: هو أن يعتقد المثبت أن كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا من غير أن يقيدها بمماثل. وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى {ولايحيطون به علما} [طه 110] وقوله {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} [الإسراء 36] . ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبر عن كيفيتها فيكون تكييفنا قفوا لما ليس لنا به علم وقولاً بما لم يمكننا الإحاطة به.
وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته، أو العلم بنظيره المساوي له، أو بالخبر الصادق عنه، وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله عز وجل فوجب بطلان تكييفها.
وأيضاً فإننا نقول: أيّ كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟
إن أيّ كيفية تقدرها في ذهنك فالله أعظم وأجل من ذلك.
وأيّ كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذباً فيها لأنه لا علم لك بذلك.
وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان أو تقريراً بالسان أو تحريراً بالبنان.