والقول الثالث: أنه نفس الركوع، وهو الركوع الشرعي، والمعنى يؤتون الزكاة في حال ركوعهم في الصلاة (1) ، قيل: نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب (ت40هـ) رضي الله عنه تصدق وهو راكع والصواب عند كثير من المحققين أن هذا المعنى غير مستقيم (2) ، وأن الخبر الوارد عن علي رضي الله عنه لا يصح منه شئ، قال ابن كثير (ت774هـ) : ((وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها)) (3) .
د- الركوع والسجود معا:
قال الله تعالى {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ} (التوبة/112) .
وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج/77) .
وقال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} (الفتح/29) .
اجتمع وصف المؤمنين بالركوع والسجود في كل آية من الآيات السابقة، وتلك منقبة لهذه الأمة جعلت لها سمة من بين الأمم في الدنيا والأخرة، ومن ثم جاء التحريض عليها في تلك الآيات الكريمات.
قوله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُون َ} (التوبة/112) : {السَّائِحُونَ} : قال الزجاج: ((وقوله: {السَّائِحُونَ} في قول أهل اللغة والتفسير جميعا: الصائمون)) (4) ، وقيل المجاهدون، وقيل طلاب العلم وقيل المهاجرون (5) .