{يَحْذَرُ الْآخِرَةَ} : أي ((يحذر عذاب الأخرة)) (1) .
وهذه الآية مثل الآية التي سبق الكلام عنها في سورة الفرقان قبل الآية السابقة، فالسجود على معناه الشرعي، والمعنى: ((أمن هو يقنت آناء الليل ساجدا طورا وقائما طورا، فهما حال من قانت)) (2) ، وما ذكر في آية الفرقان من التنويه بالسجود والقيام، وفضل السجود على القيام، والاحتباك يجري في هذه الآية كذلك.
ج- الركوع مفردا:
قال الله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة/55) :
جاء في المراد بالركوع في هذه الآية ثلاثة أقوال: الخشوع، الصلاة، الركوع الشرعي، والذي جرى عليه كثير من المحققين أنه الخشوع، وهو أحد معاني الركوع المعتبرة التي سبق الكلام عنها في أول البحث، والمعنى أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة في حال الركوع وهو الخشوع والإخبات والتواضع لله تعالى (3) ، وهذا كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (المؤمنون/60) .
والقول الآخر: أن المراد به الصلاة، ((ومعناها وصفهم بتكثير الصلاة، وخص الركوع بالذكر لكونه من أعظم أركان الصلاة)) (4) ، ولما كان يلزم في هذا القول تكرير الصلاة لقوله تعالى: {يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} قبله لزم توجيه ذلك فقيل: التكرير على سبيل التوكيد (5) ، وقيل الركوع صلاة التطوع (6) .