حديث الرسول (: ((أن النبي (سجد في ص، وقال: ((سجدها داود توبة ونسجدها شكرا)) (1) ، قال ابن تيمية (ت728هـ) : ((لا ريب أنه سجد كما ثبت بالسنة وإجماع المسلمين أنه سجد لله)) (2) ، واعتبر البقاعي (ت885هـ) هذا الحديث تفسير لهذه الآية، فقال: ((… ولأن النبي (فسره بالسجود)) (3) وذكر هذا الحديث، والصواب أن هذا ليس تفسيرا صريحا لهذه الآية، وإنما تضمن صفة سجود توبة داود، ولو كان تفسيرا للآية حقا لتعين المصير إليه في تفسيرها.

عن مجاهد (ت104هـ) قال: ((قلت لابن عباس أنسجد في ص؟ فقرأ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} حتى أتى {فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ} فقال: ((نبيكم (ممن أمر أن يقتدى بهم)) (4) ، يشير ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما إلى قوله تعالى: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} قال ابن الجوزي (ت597هـ) : ((قال ابن عباس: أي ساجدا)) (5) ، ولم أقف على تفسير ابن عباس (ت68هـ) رضي الله عنهما لهذه الآية مسندا فيما اطلعت عليه.

وهذا الموضع من سورة ص من مواضع سجود التلاوة عند أكثر العلماء (6) .

اقتران لفظ الركوع في الآية ب {خرّ} ، والخرور هو السقوط والهوي إلى الأرض (7) ، فدل ذلك على أن المراد هو السجود على الوجه، ((وعبر بالركوع عن السجود ليُفهم أنه كان عن قيام)) (8) ، ولهذا كان سجود التلاوة قائما أفضل منه قاعدا ((إذ هو أكمل وأعظم خشوعا، لما فيه من هبوط رأسه وأعضائه الساجدة لله من القيام)) (9) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015