وقوله تعالى: {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} اشتمل على ثلاثة أمور: خرور وسجود وبكاء، فهو صريح في السجود المعروف على الجباه (1) ، ((فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود هاهنا اقتداء بهم واتباعا لمنوالهم (2)) ) ، كما استُحب البكاء عند تلاوة القرآن (3) .

وقيل المقصود بالسجود في هذه الآية الصلاة، وقيل مجرد الخشوع، والخرور يأباهما (4) ، إلا إن القول الراجح _ وهو السجود على الوجه _ يتضمن الخشوع أيضا، ولذلك قال الطبري (ت310هـ) في تفسير هذه الآية: ((خروا لله سجدا استكانة وتذللا وخضوعا لأمره وانقيادا)) (5) .

رابعاً - الرُّكع السجود في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام:

قال الله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} . (البقرة/125) .

وقال الله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (الحج/26) .

{وَعَهِدْنَا} : وأََمَرْنا (6) ، وعُدِّي ب {إِلى} لأنه في معنى أوحينا (7) .

{وَالْعَاكِفِينَ} : هم المقيمون بالبيت على سبيل الجوار فيه، ومنهم المعتكفون (8) .

{بَوَّأْنَا} : ((جعلنا مكان البيت مبؤا لإبراهيم، والمبؤ المنزل)) (9) .

{وَالْقَائِمِينَ} : أي في الصلاة (10) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015