{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} : جماعة القوم الراكعين لله، وجماعة القوم الساجدين لله، وقد تعددت عبارات المفسرين في ذلك، فقال ابن جرير الطبري (ت310هـ) : ((يعني تعالى ذكره بقوله: {وَالرُّكَّعِ} جماعة القوم الراكعين فيه له، واحدهم راكع، وكذلك {السُّجُودِ} : هم جماعة القوم الساجدين فيه له، واحدهم ساجد: كما قال: رجل قاعد، ورجال قعود، ورجل جالس، ورجال جلوس، فكذلك ساجد ورجال سجود، وقيل: بل عنى بالركع السجود: المصلين)) ، ثم أسند عن عطاء (ت114هـ) قوله: ((إذا كان يصلى فهو من الركع السجود)) ، وأسند عن قتادة (ت118هـ) قوله: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} : أهل الصلاة)) (1) ((وقال الحسن (ت110هـ) : هم جميع المؤمنين)) (2) وقال الفرّاء (ت207هـ) : ((يعني أهل الإسلام)) (3) وقال: الزَّجَّاج (ت311هـ) (( {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} : سائر من يصلي فيه من المسلمين)) (4) ، وهذا إختلاف تنوع وعبارة لا تناقض ولا تضاد فمنهم من فسرها بهيئات الصلاة بالنظر إلى الألفاظ المذكورة في الآيتين، وهي القيام والركوع والسجود، وهي أعظم أركان الصلاة (5) ، ومنهم من فسرها بالصلاة ((لأن القيام والركوع والسجود هيئات المصلي)) (6) ، ومنهم من حملها على سائر أهل الإسلام أتباع ملة إبراهيم عليه السلام، لأنه لا يركع ولا يسجد لله إلا المسلمون كما أنه لم تجتمع هذه الأركان الثلاثة: القيام والركوع والسجود في صلاة إلا في صلاة المسلمين (7) ، ولهذا ذُكر الركوع والسجود مع البيت لأن الصلاة إليه في غالب الأحوال (8) ، وهو قبلة المسلمين، وقد نص غير واحد من العلماء أن اليهود لا ركوع في صلاتهم، قال أبو حيان (ت754هـ) ((المشاهد من صلاة اليهود والنصارى خلوها من الركوع)) (9) ، وقال البقاعي (ت885هـ) : ((تتبعت التوراة فلم أره ذكر فيها الركوع)) (10) ، وقال في موضع آخر: ((سألت عن