اشتراه من سهمه من الغنيمة ومن الأموال المرصدة لمصالح المسلمين ولقد شكت إليه زوجته الضائقة فأعطاها ثلاث دكاكين في حمص كانت له يحصل لها منها في السنة نحو العشرين ديناراً فلما استقلتها قال: ليس لي إلا هذا وجميع ما بيدي أنا فيه خازن للمسلمين لا أخونهم فيه ولا أخوض نار جهنم لأجلك. وكذلك كان خليفته صلاح الدين يوسف بن أيوب فإن كان على كثرة فتوحه وبسط يده على ذخائر وكنوز عظيمة لم يدخر منها شيئاً وفرقه في وجوه المبرات وإقامة المعالم الخيرية حتى إذا لحق بربه لم يخلف في خزائنه غير دينار واحد صوري وأربعين درهماً ناصرية ولما بنى له أحد رجاله في دمشق قصراً مشرفاً بهجاً وبخه على عمله ولم يرض أن يسكنه لما أنفق عليه من النفقات الفاحشة.
وبالجملة فتاريخ الأمة ينعي على المسرفين أعماله كما ينادي بالثناء على المقتصدين من رجالها فإن جاء مثل ابن عباد وابن أبي عامر والقاهر والمستكفي والحسن بن سهل فقد جاء أمثال عمر بن عبد العزيز ونور الدين وصلاح الدين وكل منهم ذكر بعمله ولقي جزاءه في قصده وإسرافه.
الانتحار
سلامٌ على الدنيا سلام مودع ... رأى في ظلام القبر أنساً ومغنما