على مناقضته إلا بعض علماء التربية ممن يصرّحون بأفكارهم ولا يحاذرون أن يطردوا من حظيرة الحظوة وأن يوصموا بالارتجاع والجمود
ليس للرياضيّات من ألفضائل ما ينسبونه إليها بل هي تستفيد من الخطأ الشّائع الذي به يخلطون بين الألعاب الطّبيعيّة والألعاب في الهواء الطّلق ولا يراد بلفظ الرّياضة البراز ولا الجمناستيك بل للرياضة البدنيّة غاياتٌ أخرى ومقدّماتٌ طبيعيّة فهي تقوم بمؤثّراتٍ أخرى وفي مطاويه عدّة فروقٍ في العواطف بل إنّ الرياضة مع الجمناستيك لعى طرفي نقيضٍ فإنّ المتعصّبين للرّياضة ينظرون إلى الجمناستيك نظر ازدراءٍ ويرون أنفسهم في ألعابهم مجددين وأنّهم صورة الارتقاء والتّنوير ويعبّرون عن مرامي العصر أما المنصرفون إلى الألعاب الجمناستيكيّة فيجيبون على ذلك أنّ جميع النّتائج الميمونة التي تدّعي أنّها تحويها الرّياضة يحتويها الجمناستيك على حين ليس في هذا كما في ذاك من العوائق
فالرياضة الجسمية أو الجمناستيك يبحث عن نظام الجسم وعن الكمال العامّ في قواه وعن قمع مجموع العضلات وعن تربية الإرادة وتنمية الثّقة بالنّفس والمصارع المدرّب تدريباً حسناً ينال بدون تعمل من أعماله كلّ ما فيها من النّتائج فيبلغ هادئاّ آمناً مطمئنّاً إلى أقصى الحدود التي تستطيع بلوغها قواه الجسديّة. والرّياضة لا تعمد إلى تربية جميع القوى الطّبيعيّة تربيةً واحدةً وغايتها التّفريق والتّخصيص ولا تستلزم من الجسم إلا حالةً واحدةً ولكن يجب أن تكون في أرقى مظاهر الكمال. والسّرعة هي التي تطلب من جميع الرّياضات ولا يعدّ من أهل الارتياض في شيءٍ من لا يعجّل ويقطف ثمار الظّفر في رياضاته. والمرتاض يحمّل طاقته فوق قوّتها ولا يسوّغ له أن يضعف لا لأجل نفسه بل ضدّ غيره. وقد قال شيلر: إنّ المصارع يتعلّم في طيّ السّكوت والمرتاض بين جلبة العالم. وتقاس قوة المرتاض ضدّ خصومه ويقام أبداً مع منافسين يحاول أن يتفوّق عليهم ولا يشعر بأدنى سرور في حالةٍ حسنةٍ في ذاتها كانت أحطّ من غيرها فإذا بلغت به الحال أن يصل بتكرار العمل أن يكون الأول يجب عليه أن يدافع عن مركزه من التّالين له أو أن يترك العراك ويعترف بأرجحيّة غيره عليه ويرضى صاغراً بالتّصريح بأنّه تجاوز أقصى درجات قوّته وانّ الخطّ المستدير من حياته أخذ بالهبوط. يتأتّى أن يكون المرء مصارعاً