إلى سنٍّ متقدّمةٍ ولا يكون مرتاضاً إلا في أوائل سنّ الشباب وقوّته على لقاها لم تصبّ بما ينقصها. ومن النّادر أن يكمل المرء في الصّراع بعد الثلاثين من عمره ولا أعلم أحداً في الأربعينات وفِّق إلى تعلّم السرعة. البراز هو الوساطة التي يبقى بها المرء زمتاً طويلاً أما المرتاض فإنّ صحّته تعجّل عليه فتنحّيه عن عمله. البراز يمكن أن يكون مشغلاً ومسلاّت لوضع الموازنة بين النشاط الطبيعي والعمل العقلي والإرتياض حاكمٌ حسودٌ لا يسمح لغيره بأن يقف معه. ولكي ينال المرء ما في التبريز في الإرتياض من الشرف يقتضي عليه أن ينصرف إليه كلّ الانصراف وإنّك لتطلب من محترفٍ بحرفةٍ أكثر مما تتطلب من مولّع بها. والرّياضة تستلزم أن تشغل حياة من يطمع في التّبريز فيها بأسرها. الإرتياض يضرّ بالجمال ويقضي على تناسب الأعضاء بإحداثه خللاً في نظام القوى وانبساط قلبٍ مفرطٍ إلى جانب هزالٍ مضنٍ. فليس هو بمناسبٍ للصّحّة بل يؤدّي بها إلى الخطر. والمتنافسون في الإرتياض معرّضون لأمراض القلب ولداء الأعصاب وقلّما يعمّرون طويلاً. الإرتياض لا ينشئ جنساً قويّاً والمرتاض الحقيقي لا يعدّ شيئاً إذا خرج عن اختصاصه فهو إذا قفز لا يحسن الجري وإذا رمى بالإطار (الطارة) لا يُطلَب منه عملٌ آخر. ولا عمل له في تحسين الجنس وبكثرة إنهاكه لقواه العصبيّة وإفراطه في عمله يكون متوسّطاً فيما يتمّ على يديه أو بالمجد والغنى وقد احتفل بالفائزين في سباق الرياضات أكثر مما احتفل بالعلماء الأعلام ولا فائدة منه إلا أنّه يدلّ أنّ المرء يستطيع أن يسير أبرع من حصان السّباق وأنّه يجري شوطاً أوسع من شوط الذّئب ويقفز أكثر من النّمر
القضاء والعلم
دعا ناظر مدرسة حقوقٍ تلامذة الصّف الآخر من مدرسته وخاطبهم فقال:
إنني مسرورٌ لرؤيتكم مرّةً أخرى مجتمعين قبل حصولكم على شهادتكم النهائية ومفارقتكم للمدرسة. لا تتصوّروا بعد حصولكم على الشّهادة أنّ باب الدّرس أقفل فالإنسان لا يستغني أبداً عن المطالعة والدّروس وعليه فأنا أميل كثيراً إلى أن تكونوا نادياً أو جمعيّةً يكون القصد منها إيجاد مكتبةٍ فيها تطالعون وترجعون إليها في أبحاثكم في المستقبل وبداعي قرب الامتحان ألفتُ نظركم إلى مسألةٍ كثيراً ما تنسونها وتعتقدون أنّ فيها ضياعاً للوقت تلك المسألة هي الراحة والفسحة فأعطوا أنفسكم نصيبها من ذلك إذا أردتم نجاحاً