أن أترك عنوان الملذ له من الرّياضيّات فكتبت بجسارة: المسايفة (لعب السّيف والتّرسّ) والعوم وإن لم يبلغ مبلغاّ من المهارة فيهما يصح أن يذكر وإن كت منذ سنين ممتنّعاً عن هاتين الرّياضيتين ويا للأسف ولم أستطع أن أصرف فيهما وقت قصير حدّاً وأنّك لترى القصص الإنكليزية الّتي تؤلفها النّساء وغيرها من أنواع الأقاصيص يوصف أبطال رجالها بقوّة لطماتهم ولكماتهم وثباتهم وصبرهم في هذه الألعاب وحذقهم في التّجديف ولقد ضحك السّياح الّذين أتوا من أقطار أوربا إلى إنكلترا من طريقة التّعليم العالي في هذه الدّيار وظهر لهم وهم يهزّون أكتافهم أنّ تربية العضلات هناك مقدّمة على التّربية العقليّة وأنّ صفوف الدّروس كانت فارغة على حين تغصّ ساحات اللّعب بالطّلبة وقد امّتازت كلّيتا كمبردج وأكسفورد قبل كلّ شيء عن المدارس العليا بلعبة الفوتبول والرّياضات المائيّة كالعوم وإنّ الشّبان الّذين ينالون ألقاب الأكاديميات كانوا يجعلون لقوّة الجسم ميّزة على تعلّم العلوم
لا جرم أنّ إنكلترا تعجب بمن قام فيها من الرّجال أمثال داروين وماكسويل واللورد كلفن ورامسي ولكن هؤلاء العظماء لا يعزونها عن رؤيتها أن يكون رجلها في الملاكمة الثّقيل الجسم بومبارديه ولس يستحقّ مؤخّراً في ساحة اللّعب في 71 ثانية على يد شاب فرنساوي فظ اسمه كارانتيه وعمره تسع عشرة سنة. لا جرم أنّ إنكلترا كانت تؤثّر التّخلّي برضاها عن اكتشاف علمي نسب إليها تغلب مبارزها الذي كانت غلبته مصيبة وطنية عامّة سجلتها كبريات صحف لندرا بمداد الحدّاد وأشارت إلى أنّ ذلك الانكسار دليل انحطاط الشّعب الإنكليزي.
ومع ذلك فإنّ الرّياضيات تكاد لا تكون الآن خاصيّة من خواص إنكلترا فقد أجازت الخلجان والبحار وهي الحاكمة المحكمة اليوم في اليوم العالمين وقد اتّفق على استحسانها مؤرّخو المدينة ورجال الأخلاق والنّاقدون واللّغويون في العصر ليدلّوا على ما في الألعاب الرّياضيّة من ألفرح والبهجة فهي تصغي الأخلاق لأنّها تستدعي نظاماً قاسيا وتضطّر صاحبها إلى القناعة والعفّة وحيث انّتشر الولوع بها تراجعت ربّتا الخمر والجمال (باخوس وفينوس) وبتأثيرها يضمحلّ ما يضرّ بالخَلق والخُلق فهي تربّي النّوع على السّرعة والشجاعة والجمال والإنسانية مدينةٌ لها بجيلٍ من الأبطال. وهذا الرّأي الشّائع لا يجرأ