بالأحوال والأشخاص واختلاف طرق النغمات فحكمه حكم ما في القلب.
قال حجة الإسلام: إن الغناء اجتمعت فيه معان أن يبحث عن أفرادها ثم عن مجموعها فإن فيه سماع صوت طيب موزون مفهوم المعنى محرك للقلب فالوصف الأهم أنه صوت طيب ثم الطيب ينقسم إلى المفهوم كالأشعار وغلى غير المفهوم كأصوات الجمادات وسائر الحيوانات أما سماع الصوت الطيب من حيث أنه طيب فلا ينبغي أن يحرم بل هو حلال بالنص والقياس فهو أنه يرجع إلى تلذذ حاسة اسمع بإدراك ما هو مخصوص به وللإنسان عقل وخمس حواس ولكل حاسة إدراك وفي مدركات الحاسة ما يستلذ فلذة النظر في المبصرات الجميلة.
كالخضرة والماء الجاري والوجه الحسن وبالجملة سائر الألوان الجميلة وهي في مقابلة ما يكره من الألوان الكدرة القبيحة وللشم الروائح الطيبة وهي مقابلة الإنتان المستكرهة وللذوق الطعوم اللذيذة كالدسومة والحلاوة والحموضة وفي في مقابلة المرارة المستبشعة وللمس لذة اللين والنعومة والملامسة وهي في مقابلة الخشونة والضراسة وللعقل لذة العلم والمعرفة وهي في مقابلة الجهل والبلادة فكذلك الأصوات المدركة بالسمع تنقسم إلى مستلذة كصوت العنادل والمزامير ومستكرهة كنهيق الحمير وغيرها فما أظهر قياس هذه الحاسة ولذتها على سائر الحواس ولذاتها.
ونقل الغزالي أيضاً عن أبي طالب المكي إباحة السماع عن جماعة فقال: سمع من الصحابة عبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير والمغيرة بن شعبة ومعاوية وغيرهم وقال: قد فعل ذلك كثير من السلف الصالح صحابي وتابعي بإحسان وقال لم يزل الحجازيون عندنا بمكة يسمعون السماع في أفضل أيام السنة وهي الأيام المعدودات التي أمر الله عباده فيها بذكره كأيام التشريق ولم يزل أهل المدينة مواظبين كأهل مكة على السماع إلى زماننا هذا فأدركنا أبا مروان القاصي وله جوار بسمعن الناس التلحين قد أعدهن للصوفية قال: وكان لعطاء جاريتان يلحنان فكان إخوانه يستمعون إليهما قال: وقيل لأبي الحسن بن سالم كيف تنكر السماع وقد كان الجنيد وسري السقطي وذو النون يستمعون فقال: وكيف أنكر السماع وقد أجازه وسمعه من هر خير مني فقد كان عبد الله ين جعفر الطيار يسمع وأنا أنكر اللهو واللعب في السماع.