تعمل الحكومة الانكليزية ألان بما فيها من القوى لانجاز الخط الحديدي الذي يربط رأس الرجاء الصالح في جنوب افريقية بمدينة القاهرة في شماليها وهو تحقيق الأمنية التي طالما حلم بها سيسل رودس المتري الانكليزي الشهير. ولا يكون هذا الخط كالخطوط العسكرية التي فتحها الرومان أيام عزه لتنقل عليها الحكومة جندها وذخائرهم وإثقالهم بل غاية من هذا الخط سلمية على ما يظهر ألان ينظر فيه إلى ترقية المدنية في ذاك الصقع العظيم من افريقية ويستفيد الناس من ذلك في الشؤون الاقتصادية وسينجز هذا الخط الذي شرع فيه منذ سنتين في سنة 1916 وقد ساعد في اليوم على انجازه تنازل البلجيك لانكلترا عن شطر من أراضي الكونغو البلجيكية فأصبح الخط يسير في ارض انكليزية على طول 6944 ميلا أو 11100 كم وهذه هي المسافة بين الرأس والقاهرة أو 7074 ميلا أي 11330 كم إذا أريد إبلاغه إلى الإسكندرية ويركب المسافر بين ذينك الثغرين في القطار تارة وفي الباخرة أخرى فيكون ركوبه من كابتون إلى بوكاما في القطار ومن بوكاما إلى كونغولو بالباخرة ومن كونغولو إلى خندو في القطار ومن خندو إلى بونترفيل في السفينة ومن بونترفيل إلى ستانليفيل في القطار ومن ماهاجي إلى كوستي في السفينة ومن كوستي إلى وادي حلفا على طريق الخرطوم في القطار ومن وادي حلفا إلى أسوان في الباخرة ومن أسوان إلى القاهرة في القطار.
وقد قاسى القائمون بهذا المشروع الأمرين من اعتداء السكان وفتكات الحيوان لاسيما الأسود في رودسيا الشمالية حيث اضطروا إلى أن يقيموا حواجز ليؤمن عملة السكة الحديدية من هجماتها.
أزمة الخدمة
شعر الناس حتى في البلاد التي لم تبلغ درجة راقية من المدنية كمصر والشام لقلة الخدام والوصيفات والخادمات والمرضعات والمربيات حتى أصبح بعضهم يجلب خادماته وخدامه من الخارج وما دروا أن فرنسا بل وألمانيا وانكلترا والولايات المتحدة هي أيضا في أزمة خدم تشكو قلته حتى لقد كان في فرنسا تسعمائة إلف خادم وخادمة فأصبحت اليوم وليس فيها سوى 750 ألفا وأسباب ذلك كثيرة منها قلة المواليد بحيث أصبح الفقراء من الذكور والإناث يجدون في القرى ما يعيشون به بدون الاختلاف من المدن ومنها أن الثروة زادت