مجله المقتبس (صفحة 5872)

البلاد خصوصاً والدين اخذ يوافق ميول المتدينين به وحاجاتهم. توطد أمر ايطاليا بعد ذلك وأخذت تقطع أشواطاً في سبيل جمع شملها وتتناسى ما نالها في سبيل انتشار النصرانية التي عمت ايطاليا. وبينا الأمر على ذلك كان برابرة الشمال يتجمعون ليغزوا ايطاليا للاستفادة من مادياتها وقد أهلكهم الجوع ولم يكن لرومية طاقة بدفعهم فجاءوا يغشون العالم المتمدن ولكن من أولئك البرابرة من لم يلبثوا أن دانوا بالدين الجديد وتطوعوا بالدعوة إليه في القاصية بيد أنهم لنقص فيهم حرفوا ما تلقنوه ولم يعملوا بتعاليمه فاتوا مظالم كثيرة حتى اضطر الباباوات أن يجعلوا لهم سلطة مدنية فعمدوا إلى القوة علماً منهم بان سلطان الروح لا يؤثر كثيراً إن لم يكن وراءه سلطان القوة.

وهذا كان مبدأ مزج الدين بالسياسة خصوصاً على عهد شارلمان وليون الثالث وهما الملكان اللذان حاولا هذا المزج وحرصاً عليه ثم كثرت البدع والإلحاد وقاومها الباباوات بالشدة وان جاء من هؤلاء أنفسهم من لم تحمد سيرتهم أحياناً.

ولقد كانت ايطاليا خلال القرون الوسطى ميدان العراك بين الباباوية والإمبراطورية فنتج عن ذلك تمازج بين العناصر المختلفة في الغرب ثم جاءت الحروب الصليبية على الشرق وكان الدافع إليها دينيا ثم انتهت بالماديات وبعد ألف سنة للمسيح حدثت حوادث غيرت معالم العالم الغربي وكانت الدواعي إلى الحماسة الدينية حب الظهور والإتيان بالغرائب ولاسيما في نفوس العامة والزعماء من الأمراء. ولكن حرب المسلمين قرنين باستعادة الأرض المقدسة لم ينتج منه إلا أن جمهوريات ايطاليا أصبح لها مكاتب تجارية على شواطئ البحر المتوسط وباختلاط ايطاليا بل أوروبا بالمدينة الشرقية البديعة عاد إلى الغرب شيء من الحياة أصيبت به الصناعة والآداب وكان اثر الحروب الصليبية في ايطاليا اثر تقاليد اليونان المغلوبين على أمرهم في مدينة روميا.

ايطاليا في القرون الوسطى

جاء عهدان على روميا طمحت فيهما إلى أن تحكم العالم فالأول على عهد عظمة قياصرة الرومان وقد تم لها ذلك بعض الشيء والثاني على عهد التحمس الديني وبلوغ سلطة الباباوات حدها. وكان من اثر الحروب الصليبية ورؤية القوم للفنون القديمة البيزنطية والمغربية أن تمت لهم مقدمات النهضة الأولى. ثم إن المقاطعات تحررت من سلطة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015