والغنائم لا كما كان في القديم يستأثر بها الزعيم أو رب الأسرة.
ولما جعلت رومية بلاد اليونان ولاية رومانية أخذت عنها الذوق في الفنون الجميلة وكلما كان الرومان يجابون من كورنت وأثينا أثراً من أثار الهندسة والنقش والجواهر كانت تتربى أذواقهم ولم يكتفوا بالآثار بل جلبوا معها مؤثريها من مثل الخطباء والسفسطائيين من الحكماء فأصبح للخطابة شان مهم في الحياة العامة وصار ملعب الفووم المشهور الباقية إلى اليوم آثاره عكاظ الرومان يخطبون فيه ويتناقشون واخذوا يبعثون بفتيانهم إلى أثينا يتعلمون على حكماء الوقت إذ ذاك ما ينفعهم ثم هاجر كثير من العلماء الاثنين إلى رومية وانشئوا يعلمون كل طالب وبلغت النهضة أشدها على عهد الإمبراطور أغسطس وسقطت بعده بقليل شان أكثر مدنيات العصور السالفة كانت من عمل حاكم أو أمير أو بضعة حكام ثم يتناسى الأمر ويزهد فيه.
جاءت أزمان ادخل فيها اليونان على الرومان أموراً أضعفت من سلطة الوالد على أولاده وتركت الحياة الجندية وأخذت الشبه والشكوك تسري إلى العقول وكثرت الموبقات بكثرة الرفاهية فكان بذلك انهيار ذاك البناء وخراب العالم الروماني فقضي على رومية وذهبت تلك المدينة كما ضعفت في النفوس آثار الوثنية واخذ الاضطراب يدخل في نظام تلك الحضارة ويبعثرها وكثر الانتحار واليأس من الحياة ومن لم يحبوا الانتحار يؤثرون العزلة وسرى اليأس من الطبقة الممتازة والأغنياء إلى البائسين والخدمة ولما كانت الحال على ذلك والنفوس تضيق من هذه المظاهر جاءت النصرانية على أنقاض المدينة الرومانية وكان لها من النساء اكبر عون على الانتشار فرأى فيها من دانوا بها عزاء لهم وسلوى. والدين وازع قوي في الدنيا والآخرة.
اضطهد القائمون بالدعوة الدينية أيضاً أمثال نيرون يظلم ولا يبقي على احد وبينما كان يحرق المتنصرين أحياء ليضيء بهم حدائق الفاتيكان كنت ترى أولئك المتنصرين يذهبون إلى الحرق باسمين لاعتقادهم بان في العالم الآخرة حياة سامية لا يخيب من قضى في سبيلها. وكلما كانت الشدة تنال أولئك المضطهدين كنت ترى أشباههم يكثرون.
وكان النزاع بين الإمبراطورية الرومانية والدين المسيحي من أعظم ما ذكره التاريخ حتى دان الإمبراطور قسطنطين بالدين الجديد فكان من انتشار الدين بعد الوثنية منافع مهمة في