الحرب وفن الهندسة وفن الجرأة الطبيعية الخارقة في إنشاء السيارات والطيارات وفي عامة الأعمال التي تحتاج إلى عقول لا تخاف وتطلب إقداما عليها لساعتها.
قرأت أمس في الماتين مقالة جاء فيها الفرنسويين يتأهبون للاحتفال بعيد مرور مئة سنة على موت بارمانتيه يوم (13 كانون الأول 1913) وربما يقل في قراء العربية من يعرفون هذا الرجل ويودون الاطلاع على طرف من ترجمه حياته ليذكنوا على الأقل من هو الذي يعاد ذكره بعد أن نصبت له التمايل وصيغة باسمه الصفائح التذكارية وأنشأت الجواد الشوارع بل أنشئت قرية باسمه في الجزائر.
بارمانتيه هو مخترع البطاطا في فرنسا أو مدخلها إليها على صورة عم استعمالها جميع طبقات الناس فخدمتهم في اقتصادهم وبيوتهم وتغذيتهم مدة القرن الماضي كان هذا الرجل من أبناء العامة سافر من ببلده مونتيديه إلى باريز ليسابق في وظيفة صيدلة في الجيش فقبل وأرسل مرات إلى ساحات القتال ومنذ سنة 1793 حتى يوم وفاته كان يتولى أعظم الوظائف الصحية العسكرية مثل عضو في مجلس الصحة ومفتش عام وصيدلي أول في الجيش الفرنسوي وفي خلال حرب السبع سنين أخذ أسيراً وفي أسره تسنى له أن يدرك ما في البطاطا من المواد المغذية وكانت في معظم الأوقات الغذاء الوحيد له ولا صحابة الأسرى.
حملت البطاطا من أمريكا إلى أوروبا من سنة 1580 إلى 1585 نقلها الأسبانيون لولا ثم الانكليز من فرجينيا وكانت غير معروفة كثيراً في فرنسا وينظر إليها في الجملة نظرة ازدراء وما زال بارمانتيه منذ استقرار مرة في صيدلية الانفاليد بباريز يكرر في منثورات منوعة فوائدها ويدفع اعتراض المعترضين بشدة لأنهم كانوا يحملون عليه حملات منكرة قائلاً أن رأي الناس في البطاطا أنها غير صالحة لغذاء الإنسان ساقط لا يؤديه له وكذلك دعوهم أنها تضعف الجسم وتحوي الأخطار وعلى العكس فهي لذة الأغنياء ومعوان للفقراء وسلوى في الشدائد.
وكان هذا المحسن مدفوعاً إلى ذلك بالعامل الذي وضعه بقوله: لا يكفي من أراد أن يكون نافعاً لأبناء جنسه أن يقول لهم مرة واحدة ما رآه وما عمله وما يجب أن يعمل بل يجب عليه أن لا يمل من تكرار دعوته على صور مختلفة وطرق منوعة اللهم إلا القوة فإنها لا