تستحب ولا تنفع العلوم إلا إذا عمت الطبقات كلها هكذا كان شأن بارمانتيه حتى انتشرت البطاطا بفضل مساعيه المتواصلة وأصبحت تزرع في أرض تبلغ مساحتها مليوناً وستمائة ألف هكتار في وطنه.
ولم يقتصر بارمانتيه على الدعوة إلى البطاطا وتحبيها إلى الناس بل كان له أثر محمود في الخبز والخبازة ودرس الأغذية الرئيسية عند هذه الأمة وله العمل المهم في تنظيم المستشفيات الثابتة والنقالة العسكرية والمدنية إلى غير ذلك من أعماله في تمشيط الأشغال العلمية والصحية والزراعية والصناعات الوطنية ونشر التطعيم وطبخ الأحسية الاقتصادية هذا إلى جمعيات البيطرة والإحسان والمأوي التي كان عضواً فيها أو مديراً لأعمالها مباشرة بحيث كان كما قال فيه أحد واصفيه السابق إلى كل مكان يمكن العمل فيه كثيراً وأن يخدم بدون عوض ويجتمع لعمل الخير ويتأتى لمن يدعوه أن يكون على ثقة من أنه بإشراكه بارمانيتيه في العمل يتسلط إلى وقته وقلمه وعلى ماله عند الاقتضاء.
هذا هو عمل الرجل وربما يتساءل القارئ وكيف وجد من قلبه متسعاً للقيام بهذه الأعمال التي تحتاج إلى بضعة رجال والجواب بارمانتيه كان يصحو باكراً ويجلس إلى منضده عمله في الساعة الثالثة بعد نصف الليل صباحاً قالت (الماتين) وما أحق مدارسنا الابتدائية أن تتخذ من هذا للوالدين والشعب مثالا يبعث الهمم على العمل فإنه قد خرج من مسقط رأسه مستخدما صغيراً في الصيدلة لا سند له ولا مال بل ولا تعليم إلا التافه القليل وتمكن بعمله المتواصل من بلوغ المناصب العالية وجلس في الصف الأول بين المحسنين إلى الإنسانية.
أبعد هذا نلوم الفرنسيس إذ غالوا بحمد رجالهم وهل نشأ لنا نحن يا ترى معشر العرب نصف رجل مثل بارمانتية منذ بضعة قرون وكان بسيرته وعمله حرياً بأن نحتفل به ونذكره بكل شفة ولسان ونخلد اسمه في سجلات الأزمان.
صناعة الفنادق
لعل بعضهم يعترض على هذا العنوان فيقول وهل أصبحت الفنادق والإنزال صناعة حتى تحدثنا بها ولكن من رأى الفنادق في الغرب ولا سيما في البلاد التي بكثير إليها اختلاف السياح كفرنسا وإيطاليا وسويسرا مثلا يهون عليه ان يتصور معنى الفنادق فيرى قصوراً