مجله المقتبس (صفحة 5789)

صالح أعماله فان مما يخجل الشرق من ان يعمل الغرب كل هذه الأعمال المدهشة وهو نائم باهت وان يقتل الشرقي إخاء في غرض تافه ولا يقتل نفسه في تحقيق عمل مجيد ومجد مؤثل:

وبعض خلائق الأقوام داء ... كداء البعض البطن ليس له دواء

يريد المرء أن يعطي مناه ... ويأبى الله إلا ما يشاء

وكل شديدة نزلت بقوم ... سيأتي بعد شدتها رخاء

ولا يعطى الحريص غنى لحرص ... وقد ينمى على الجود الثراء

وبعض الداء ملتمس شفاه ... وداء النوك ليس له دواء

تكريم الرجال

عرف الغربيون حسن الانتفاع من كل شيء فصاروا إلى زمن من هم في العالم كل شيء لا قول إلا قولهم ولا مدنية إلا مدنيتهم التي هي خلاصة مدنيات العالم بأسره فيها اندمجت مدنية رومية وأثينة وبابل وأشور ومصر وفينيقية والأندلس وبغداد وفارس أن هذه المدنية التي تتمثل لنا كل يوم في صور شتى قامت بعقول الرجال وأعمال الأبطال ولذلك كان الحري بالتبجيل مصدر هذا الفضل والمعول الذي كان عليه المعوّل في نبث المدفون واختراع المعدوم.

يكرم الغربيون رجالهم حتى ليخال الشرقي أنهم على شيء من المبالغة وأكثر الأمم ايغالاً في ذلك الفرنسيس على ما رأيت فان رجالهم لقوا من التكريم والتنويه مالا يكاد يراه أمثالهم في الأمم الغربية نفسها. وأن المرء ليعجب كل العجب من تغنيهم حتى اليوم بجان دارك إحدى فتيات القرون الوسطى التي برزت الرجال بشجاعتها ودافعت عن وطنها أمام جيوش الفاتحين من الانكليز وإلى اليوم هي المهماز الأعظم لفتيات فرنسا لشبانها تقام باسمها المعابد وتسمى الشوارع وتنصب التماثيل وتؤلف القصص التمثيلية وغيرها في وصف سيرتها.

ولا بدع فإن الفرنسيس كما قال برزباين - أشهر رجال الصحافة الأميركية - ورثوا عن اليونان والرومان نبوغاً كانوا به أدلة وموحين بالأفكار للعالم منذ عهد شارلمان فقد كانوا الأولين في الحركة العقلية السابقين في شجاعة القلب وشجاعة الفكر المجلين في فن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015