المتبرجات الخ.
وبينا أتصفح هذا وأعجب من رقة شعور القائمين بهذا الأمر وعطفهم على الحيوان وخوفهم من انقراضه مخافة ان يحدث منه خلل في ميزانية عالم الكون والفساد إذا بي أرى في الصفحة الثانية أخبارا من فجائع الطيارات وهلاك الطيارين مما يحدث مثله كل بضعة أيام في الغرب لأن مدنيته لا تشفق بل لا تقوم إلا ببذل بعضهم أرواحهم في سبيل إعلاء كلمة العلم.
كان بعض رجال الرحلات من الغربيين منذ قرون يهلكون في الصحاري والقفار أو في القطبين وتجشم أخطار وبحار أما اليوم فبعد ان اكتشفوا العالم الأرضي أصبحوا يريدون ان يكتشفوا العالم السماوي كانوا بالأمس يعملون في البسيطة وهم اليوم يريدون ان يسخروا الجو وما ندري غدا ماذا يخبئ العلم والاختراع من بدائع المستحدثات التي تباع في تحقيقها الأرواح بيع السماح.
كنا بالأمس تقول إذا تلون سياحة احد أرباب الرحلات من الغربيين ان كاتب الرحلة في حلم يملي من عالم الخيال ليري انه لقي أهوالا في سفره ويشتهر بين جيله وقبيلة ونرجح ان معظمها أشبه بقصة السندباد البحري وحكاية ألف ليلة وليلة بيد ان ما نقراه اليوم بل نشاهده عيانا من أخبار الطيارين في أخبار السماء كاد يدعونا إلى تحسين الظن بأكثر ما أورده أرباب الرحلات وأن هذه المدنية التي نتمتع بها أن هي إلا ثمرة الاستهانة بالحياة في سبيل الأغراض الشريفة.
مدنية الغرب تقتل الحيوان لفائدة الإنسان بل تقتل الإنسان لفائدة الإنسان وهذه التجارب التي خص الغربي بطول الروح عليها هي التي نشأت منها أكثر الاختراعات والاكتشافات الماثلة حسناتها للبشر اليوم منادية للأمم التي قام أبناؤها بشيء من هذه الأعمال حرية بان تنال ذروة المجد لأن من سخر قوة الطبيعة الصعبة لمنفعته لا يعثر عليه ان يسخر الإنسان للإنسان.
مدنية الغرب لا ترحم أحدا ومتى رحم من لا يرحم نفسه. والغرب لا يحزن لفقد ألف أو ألوف من أبنائه قذفا من الجو وهم يطيرون لأنه موقن بان هذه التجارب في النتيجة عن خير بهذا المضمون فمتى نرى أناسا من الشرقيين ينهجون هذا المنهج ويقلدون الغرب في