مجله المقتبس (صفحة 5776)

لثروة غير التي نالوها وصرفوها كلها في إنشاء دورهم وأما لضيق صدر نالهم من سوء إدارة وفساد نظام وهذا قليل.

قال قنصل فرنسا في تقريره الأخير على بلاد الجليل إن هؤلاء المهاجرين ينفعون بالأجور التي يؤدونها لشركات الملاحة ولكنهم يضرون البلاد في ارتقائها الاقتصادي إذ يحرمونها من الأيد العاملة وقد نجحوا بأن أسسوا في البلاد التي هاجروا إليها (أمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا وافريقية الجنوبية أو مصر) مستعمرات مهمة للغاية وكثيراً ممن غادروا بلادهم حفاة لا يملكون أجرة المركب الذي يقلهم وهم في الدرجة الرابعة قد عادوا إليها يحملون الدنانير في جيوبهم أو الأوراق المالية.

وقد اقتبسوا الأذواق والعادات الغربية وأنشؤوا يستخدمونها في بيوتهم وهم يبتاعون الأراضي وينشؤون الزراعات الكبرى وأكثر العائدين منهم على ما أظن هم اللبنانيون والبقاعيون.

قال وأما سبب الهجرة فلارتفاع وصاية الحكومة عليهم ولعدم قوانين لحماية الزراعة ولندرة المعاهد المعاونة والإحسان ولإرهاق العشارين والمرابين ولكسل لا ينفض غبارة إلا بالإقلاع عن البلاد وحباً بالأرباح السهلة واقتداء بمواطنيهم المغتنين ولجذب البلاد الجديدة لهم وبين نرى الوطنيين ولا سيما من سوريا يهاجرون نرى الأجانب يهاجرون إليها ولا سيما إلى فلسطين (أي الصهيونيين).

وبعد فقد كانت الهجرة مقصورة بادي بدء على المسيحيين فأخذ أخوانهم المسلمون يقتفون أثارهم وكثر المهاجرون من جميع الطوائف في الأربع سنين الأخيرة عندما طبقت الحكومة قانون الجندية على عامة شعب هذا الوطن فكان الوالد يسفر ولده في العشرين والخامس والعشرين فأنشأ يرحله اليوم في الخامسة عشرة بل وفي الثانية عشرة لينجو من الخدمة العسكرية أو ليجمع بدله النقدي قبل أن تصيبه القرعة وبعد أن تفاقم شر الهجرة في العهد الأخير أرادت الحكومة أن تمنع الشبان من السفر فكان ذلك مورد عيش جديد لارتشاء بعض الولاة والمتصرفين والقائم مقامين ورجال الشرطة وكثرة سماسرة المهاجرة حتى لم يتركوا مزرعة إلا ولجوها وأخرجوا منها أعزة أهلها وسهلوا لهم سبل الهجرة ووجد حتى الفقير المعدم من يقرضه على أن يفيه من عمله في ديار المهجر وزادت المنافسة بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015