في صغره. أول شيءٍ يمكننا أن نعلمه للطفل أن يعرف شخصه ومن هو وإلى أي أسرة ينتمي، وبأي لسان أمة ينطق ومن هي تلك ألأمة التي يرتبط بها بعاداته وطباعه ثم ننتقل به إلى الأمم الأخرى بحيث تدخل في ذنه النقطة الأساسية وهي الفرق بين الماضي والحاضر فنشا له بذلك فكرة عامة وهي فكرة الترقي الدائم في العالم. يلزم أن يعرف أن العالم لا يتبع الأهواء والأهوية في تقلباته ودورانه بل هناك نظام وقوانين يدار بها يخضع لها لا بد أنكم توهمتم بعظم هذه التعابير التي ذكرتها كالرقي الدائم والنظام في العالم، وسألتم أنفسكم كيف يمكن تلقين ولد حديث السن فهم هذه الحقائق العالية ولربما ضحك بعضكم في سره من هذا الفكر.
نعم ليس المقصد أن يدخل المعلم في تفاصيل هذه المسائل لأنه يستحيل عليه إفهامها كلها للطفل ولكن يمكنه أبداً أن يوضح ما أشرنا إليه بيان الخطوط الأولى فقط المدونة في التواريخ والكتب الاجتماعية. وعلى وجه الاستدلال أريد أن أنقل لكم عبارة للمؤرخ العالم الكبير المسيو لافيس أحد أعضاء المجمع العلمي بباريز قال: إن التقلبات التي أتت عَلَى الإنسانية مرئية محسوسة ولا حاجة للإنسان لأن يكون عالماً نحريراً أو فيلسوفاً كبيراً ليتمكن من التوقف عَلَى سرير الروح البشرية التي تقلبت بين الأعصر الغابرة لا يكتف المعلم بتفهيم شروط الحياة بين الأدوار المهمة فقط وليقل مثلاً أن الإنجيل يفرق بين كليتمنستر ولاسيل وأتالي لرسين والحروب الصليبية بين أشيل والسيد والصليب بين أفلاطون وباسكال ويبن الفروق الأساسية بين القسمين فعندها يحس الولد من نفسه بأنه منقاد بتاريخ الإنسانية عَلَى الدوام. وفي الوقت نفسه يقوده معلم التاريخ من الجمعيات الابتدائية إلى أن يوصله إلى الجمعيات الحاضرة بشرط أن يوقفه عَلَى الأصول ويهمل ما دون ذلك من الفروع.
وبديهي أنه لا يمكن استحصال هذه الشروط ولا يتيسر توسيع الفكرة وإنارة الذهن إذا لم يكن هناك حرية فكرية مطلقة. فالحري هي غذاء الفكر وقوامه وبدونها يصبح الفكر كالعضو المعطل عن الحركة فبعد أن يمضي عليه مدة من الزمن يتحضر ثم يعجز عن الإتيان بعمل واحد أحب أن أذكر لكم هذه الأمثولة التاريخية بهذا الشأن.
دخلت الدجة دورليان ذات يوم سنة 1842 ومعها ولدها عَلَى فيكتور هوجو وسألته ماذا