يجب أن تعلم ولدها فقال: يجب أن تعلميه أن فرنسا تقيد العالم بأسره وأن الذكاء يقيدها. ماذا كان القصد من هذا الجواب يا ترى؟ القصد، هو أنه إذا ساعد الحظ ابنها الدوج دي باري وجلس عَلَى سرير السلطنة بعد والده لوي فيليب، يعرف أن الفكر حاكم عَلَى كل شيءٍ وأن مراعاته واجبة حتى عَلَى الملوك فبالحقيقة لا يقف شيءٌ أمام الإنسان إذا كان متبصراً مستنداً عَلَى حرية الفكر وقوة الإرادة.
وهاءَنذا أختم حديثي بكلمات عن التربية الأخلاقية فأقول: تعرفون ولا بد أن قسماً من الأخلاق تكون عَلَى مدى الأزمان وسير الأيام بصورة قطعية فالمذاهب والأديان العالية كلها تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر مثل: يلزم عليك أن تطيع والديك وتع ين جارك وتحافظ عَلَى ح رمتك وتصبر عَلَى الأجن والآلام وتفتش عن السعادة باكتساب الفضائل فهذه الأحكام هي أحكام ثابتة، تتعلق بغايات عالية وبمقاصد شريفة. غير أن هناك صفات أخرى من الأخلاق بالنسبة إلى التشكلات الاجتماعية الحاضرة يجب أن تضاف إلى القسم الأول وأن ترسخ في عقول الأطفال وهذه الصفات تدعى بالأخلاق المدنية فأريد أن أجعلها كلمتي الأخيرة.
المقصد من الخلاق المدنية مزدوج فمن جهة، هو توليد فكر الاستقلال الشخصي في الطفل وجعله قادراً عَلَى أن يأتي بأعمال شخصية مثمرة، من الجهة الأخرى السقاءُ حسن التأليف بين الأعمال واستقلال الإرادة وسوقها إلى هدف معين. فالمراد من الأول هو الشخص ومن الثاني الجمعية. فالأول يقوي الفرد عَلَى السعي والعمل والثاني يحمله عَلَى إشراك مساعيه مع غيره فنقول بذلك لتأمين منفعة الشخص ومنفعة الهيئة الاجتماعية معاً. ولا شك بأنه يتيسر للأمة رقيها ونجاحها إذا كان الأفراد أقوياء متقدمين عَلَى فكر التعاون والتضامن.
الرجل القوي صاحب الاستقلال الشخصي والجرأة المدنية هو، عَلَى مذهب سقراط، من تغلب العقل فيه عَلَى الأميال والذي إذا تحقق لديه عمل نافع وغاية شريفة مشى نحوهما بقدم ثابتة دون أن يبالي بكثرة الموانع وازدحام المهالك.
المستر روزفلت، رئيس جمهورية أميركا الشمالية سابقاً، هو مثال مجسم في هذا الشأن ومن درس حياته ومناقشاته الاجتماعية إلى الآن يدرك أنه هو ذاك الرجل الذي يقول في كتابه (الحياة المتينة): الأمة لا يمكنها النجاح إذا لم تعود أولادها بذل الجهد. لا لاجتناب