وجال. فالعقل البشري في عصرنا هذا خاصة لا يطأطئ لسهولة أمام البداهة العلمية.
ولكن ماذا يفهم من قولنا أن العلم يجب أن يكون روح التربية الفكرية في مجمع ديمقراطي؟
هل يمكننا أن نطلب من الخلق بان يملكوا كلهم فنون العلم بحذافيرها ويتمثلوا بها. كلا! فإن ذلك لا يدخل تحت دائرة الإمكان. وحيث أن الجمعية مرتبة من أعضاء مختلفين في استعداداتهم وطبائعهم فقسم منهم بطبيعة الحال يبرع مثلاً بالعلوم الاجتماعية وآخر بالعلوم الرياضية وآخر بالتجارة والصنائع والزراعة. . . الخ. وعلى كل منهم أن يكون عالماً في صنعة آمراً كان أو مأموراً وما العالم إلا من أخصى في شعبة من شعب الفنون الحاضرة فعليه ليس المقصد، كما قال رنان، أن يكون كل الأفراد علماء بل المقصد أن يشترك الكل بثمرات العلم أو بعبارة أجمل كما قال نوسيديد ليس المقصود أن يكون فرد قادراً عَلَى حل كل المعادلة بل يكتفي أن يقتدر عَلَى إدراك النتيجة من حلها.
فعليه ماذا يترتب لاستحصال هذه النتيجة العامة التي يجب أن تشمل الجميع بدون استثناء؟ أو بعبارة أخص وأوضح ما هي الأمور الضرورية التي يلزم نشرها بين جميع أبناء العرب تلك الأمور ثلاثة. أولاً نشر الحد الأصغر من المعارف الأساسية بين جميع أبناء الناطقين بالضاد ثانياً تأسيس عادات فكرية حسنة ثالثاً نشر بعض المعلومات التي تتعلق بالاكتشافات الفنية.
الحد الأصغر الذي يجب نشره من المعارف لا يمكن تحديده بصورة قطعية، لأنه يتغير بتغير الأحوال والاستعدادات فمنهم من يبرعون ومنهم من يتأخرون غير أن القاعدة العامة هو أن يبتدأَ بنشر المعلومات الابتدائية التي هي بمثابة الآلات الضرورية لترقية الفكر في المستقبل كالقراءة والكتابة وبعض قواعد اللسان العربي والحساب بإضافة بعض المعلومات التي تتعلق بالتاريخ وبما يحيط بالإنسان إذ لا بد لها لمعرفة الماضي والحال وإنارة طريق المستقبل فإذا دعمت هذه المعلومات الابتدائية بصورة مختصرة معقولة وبواسطة المدارس عَلَى الخص تمكن الرجل من أن يوسع معارفه فيما بعد بدرس المؤلفات وسماع المحاضرات هذا إذا لم يدخل في إحدى المدارس العليا ولم يساعده الحظ عَلَى إتمام عقبات التعليم.
غير أن المقصد الأساسي من تلقين هذه المعلومات الابتدائية يلزم أن ينصرف لتأسيس