عَلَى التحقيق هي أساس كل جمعية وقوامها. غير أنه إذا سئل كيف تصلح الأسرة، فماذا يكون إذاً الجواب؟
أيتمكن الأبوان أن يتوفرا عَلَى تربية ابنهما أو بنتهما مع أنهما لا يفقهان ما هي التربية وما معناها، وهل يكفي أن يلقن الآباء والأمهات معنى التربية بواسطة المحاضرات والمؤلفات والجرائد وهل هم يحسنون القراءة وإذا قرؤ أو توصلوا لفهم معنى التربية هل يتمكنون من تطبيقها وهل يمكننا أن نغير طبائعهم وعاداتهم بعد أن وصلوا إلى تلك السن ونعلمهم الثبات والدوام في العمل لأجل أن يتيسر لهم اقتطاف الثمرات أن يمكننا أن ندخل البيوت ونأخذ النفس بتربية الأطفال. كل هذا وهم باطل إذاً فلنوجه أنظارنا إلى المدارس لأن هناك آمالنا وهناك مستقبلنا هناك يمكننا أن نؤثر في الطفل وأن نغرس فيه بقدر الإمكان بعض الطبائع الحسنة ونعلمه الثبات والمضاء إنني لا أنكر ما للمؤلفات والمحاضرات من الخدم العظيمة بهذا الشأن كما أنني أعتقد أن تلك الخدم بالرغم من مكانتها ثانوية بالنسبة لتربية أمة كأمتنا.
قلت أن المكتب هو الذي يجب أن يكون المبدأ لتربيتنا: لأن الولد الذي يتيسر له نيل تربية حقيقية في المدرسة يمكنه أن يؤثر في إصلاح أسره وأن يكون سبباً لإسعاد أولاده وترقية أمته في المستقبل. ولكن من لنا بأن يربى تلك التربية التي أشرنا إليها في مدارسنا. أولئك الرجال الذين يعلمون فيها الآن؟ فكفى بنا ذهولاً واسمحوا لي بأن أهتف إلى الغرب الغرب.
لنرجع إلى موضوعنا أي إلى كيفية المعلومات الأساسية والصفات التي تتعلق بالفكر والإرادة والتي يجب عَلَى المعلم أن يلقنها تلميذه بصفته عضو من أعضاء هيئة اجتماعية وديمقراطية ولذا فلنبدأ بالتربية العقلية لأن التربية الجسمية المدرسية وضررها معلوم عند الجميع.
قلت فلنبدأ بالتربية الفكرية لأن الطبيعة الأخلاقية في الرجل وإن كانت هي التي تعطيه القوة اللازمة لاقتحام المصاعب غير أن الذكاء هو الذي ينير طريقها ويعين لها وظيفتها.
وعليه فلتربية يجب أن يكون أساسها العلم وأن تستند في جميع أوقاتها عَلَى مكتشفاته وأصوله الثابتة. لأننا في قرن الحقائق العلمية والخرافات الناشئة عن الجهل، التي تدرس في مدارسنا بدون أن يشعر بها المعلم هي لائقة بعصر كان للخرافات والتخريفات فيه حظ