إن الأخصائيين في هذا الفن قد عرفوا التربية بصور عديدة فقال الفيسلوف الألماني (كانت) التربيثة تنمية الصفات الكمالية في الإنسان بقدر ما تستطيع طبيعته أو بقدر ما يتحمل استعداده. وتقول مادام نكور دوسو سور وهي آنسة اشتهرت بهذا الفن: تربية الطفل، هو إيصاله الحالة يقدر بها أن يفي بوظائفه الحيوية بأحسن صورة، ويرى هربرت سبنسر أن التربية هي إحضار الطفل للحياة الكاملة، وعرفها جيمس ميل الفيلسوف الأميركاني هكذا المقصد من التربية هي جعل الطفل آلة سعادة لنفسه ولغيره.
وبعد فإن جميع ما ذكرناه من التعاريف في التربية يتعلق بغايتها لا بذاتها ويخلو أحدها من الإبهام. لأنه إذا سئلنا ما هي الحياة الكاملة وما هي السعادة يصعب علينا أن نجاوب جواباً شافياً لأن هذه الكلمات تدل عل أشياء نسبي لا يمكن حصرها ثم فهمها. عرف جان جاك روسو التربية بذاتها فقال: التربية هي صنعة لتنمية الأطفال وإعداد الرجال فحسن هذا التعريف أنه قصير ومختصر غير أن قصره المفرط ولد فيه نوعاً من الإبهام.
ولذلك أرجح التعريف الآتي وإن كان مطولاً غير أنه يدل عَلَى المقصود ويؤلف بين التعارف التي ذكرناها التربية هي مجموع الأعمال المفكرة لمعاونة طبيعة الإنسان في ترقية خصائصه الجسمية والعقلية والأخلاقية، بقصد تكامله وإسعاده وإيفاء وظيفته الاجتماعية فهذا التعريف يجلو للأنظار بأن التربية ينبغي لها أن تنطبق عَلَى الصفات الثلاث المتمم بعضها بعضاً في الإنسان وهي الصفات الجسمية والفكرية والأخلاقية.
أستأذنكم أن أتبع كلمتي في التربية الديمقراطية بما يتعلق بالمعلومات الأساسية والصفات الفكرية والإرادية التي يجب أن تؤسس في عقل الطفل من حيث أنه عضو فعال وأن يكون بحثي بصورة خاصة في الولد الذي دخل مدرسة لتكميل ما تعلمه لأجل ذلك خصصت بحثي بالتربية وتركت تربية الأسرة والتربية اللا مدرسية (إن صح التعبير) أي التربية الذاتية بعد الخروج من المدرسة. ولي بذلك مأرب يهم الحياة العربية.
لا بد أنكم اطلعتم عَلَى بعض المقالات التي نشرت في المدة الأخيرة عَلَى صفحات الجرائد في دمشق تحت هذا العنوان المبادئِ العالية فتوالت المقالات عَلَى إثر انتشار المقالة الأولى حتى ظن أنه يوجد اختلاف بين آراء الكتاب في هذا الشأن ولكن الخلاف لم يكن إلا اختلافاً وهمياً لمن ادعى أنه لا صلاح إلا بإصلاح الأسرة فقد نطق بالصواب لأن العائلة