سوى رسوم مقررة من الصناع أخلاف العبيد فلم يعد في المدن سوى رجال أحرار فالمدن التي زاد نجاحها في القرن الثاني عشر هي من أملاك الأساقفة جاء في المثل الألماني ما أحلى عيش المرء في ظل العكاز فيجمع الأسقف خدامه وأهم التجار في مجلسه ليحكموا مدينته ولم يكن هذا المجلس سوى مجلس للأسقف. ولما قوى نفوذ المدن في القرن الثالث عشر وطردت أساقفتها أصبح ذاك المجلس مجلس المدينة وغدت له سلطة أمير فكان يقضي ويشهر الحرب ويخاطب الإمبراطور مباشرة وتسمى المدينة المدينةُ الحرة لأنها لم تخضع لسيد.
الصنائع - قسموا الصناع إلى طوائف منذ كانوا عبيد الأسقف يعملون له ولرجاله وكل طائفة تؤلف من صناع يحترفون حرفة واحدة ويخضعون لأحد خدام الأسقف وتسمى مهنة (أي خدمة) وزعيمها وكيل المدير أو شيخ الحرفة وذلك مثل مهنة الحدادين ومهنة السروجيين ومهنة الخياطين وغيرها ومن هنا اشتق اسم صنعة بالمعنى الذي نطلقه عليها وأصبح أرباب الصناعات أحراراً بالتدريج فبدلاً من أن يصنعوا لسادتهم وهم يعولونهم يعملون لحسابهم ويبيعون ما يعملون في السوق ظلوا منظمين طوائف بحسب الحرف ويتألف من كل حرفة جماعة ولهم صندوقهم العام وعلمهم الذين يحملونه في الحفلات ويرفعونه إذا خرجت المدينة لقتال ولهم حاميهم المقدس (ويسمون في فرنسا شيوخ الحرف) ولهم نظاماتهم بحسب عادة القرون الوسطى كانت عادات لا حاجة لتدوينها. وفي فرنسا لم تدون عادة صناعات باريز إلا في أواسط القرن الثالث عشر وهذا القانون يبين الشروط التي يقبل بها المرء في هذه الصناعة. فيبدأ الولد بأن يكون خريجاً عَلَى معلم في الصنعة فيعلمه المعلم صناعته ويطعمه ويؤويه فالخريج يعمل لحسابه ويخضع لها وللمعلم الحق بأن يضربه وبعد بضع سنين يصبح الخريج رفيقاً ولا يزال يعمل باسن معلمه وله أن يغادر معلمه ويذهب إلى غيره فالرفقة هم أناس متنقلون وكثير منهم يتنقلون من مدينة إلى أخرى يعرضون عَلَى أرباب الصناعات أن يشتغلوا معهم وبقيت هذه العادة جارية في فرنسا في تنقل صاحب الصنعة في أطراف البلاد. ومن كانوا عَلَى شيء من الغنى يفتحون حوانيت ويصبحون معلمين ولهؤلاء فقط الحق في أن يعطوا آرائهم في مجلس أهل الصناعة وتبين القوانين كيف يجب العمل ويحظ عَلَى العامل أن يشتغل في غير دكانه وبذلك يتيسر