مخلصين صادقين لآبائهم وساداتهم في لعب السيوف أشداء عَلَى الأعداء والأولياء وقد ورد في القصيدة السكسونية الوحيدة التي أبقتها الأيام أن بيوفولف البطل مات دفاعاً عن شعبه بإنقاذه من تنين كان يحرس كنزاً. وإليك منشأ الأمة الإنكليزية: مقاتلون متوحشون سفاكون ولكنهم أهل مضاء وإخلاص.
النورمانديون - كان السكاندينافيون (الدانيمركيون والنرويجيون السويديون) في القرن التاسع كما كان الجرمانيون في القرن الرابع أهل غارة متوحشين وثنيين تقضي عادتهم أن يرث ولد واحد من أبيه بيته وماله أما سائر الأولاد فينضمون عصابات بعضهم إلى بعض ليذهبوا في طلب الثروة. فالمقاتل البربري إذا لم يخلف له أهله ما يعيش به يرى من دواعي شرفه أن ينال الغنى بحد الحسام ويعتبر العمل مخلاً بشرفه فإذا لم يكن مالكاً يسرق وينهب وإذا جاور السكاندينافيون البحر أصبحوا قرصاناً فتبحر العصابة منهم في قوارب خفيفة ذات قلوعي بقيادة زعيم تختاره من بين ملوك البحار الذين طالما فاخروا بأنهم لم يناموا تحت سقف ولم يفرغوا قرن الجعة بالقرب من الدور المأهولة. ذهب تلك العصابات ذات اليمين وذات الشمال فمنها من ضربت نحو الشمال تفتح أيسلاندا وغيروانلاندا واعتصمت أخرى في القلاع تنهب السفن وتستاق القطعان هكذا كان شأن رؤساء القرصان المشهورين في جمسبورغ الذين أرغوا البحر البلطيكي وأزبدوه خلال قرنين وقد آثر أكثر تلك العصابات أن يذهبوا إلى البلاد التي حازت شطراً من المدنية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا فنزلوا فجأة عَلَى الشواطئ وساروا في الأنهار ينهبون الدور ويهاجمون المدن إذا كانت حصينة ويشتدون في بمعاملة الكهنة لكراهة فغيهم بصفتهم وثنيين فكانوا يقولون لهم إنا أقمنا لهم قداساً من الرماح. وكانوا يدعون فقي إنكلترا الدانيمركيين وفي غيرها رجال الشمال (النورمانديين) وقد قبلت العصابة الرئيسة فيهم أن تستوطن فرنسا وكانت الولاية التي اصبحت نورمانديا خاملة لم تشتهر قط وبعد قرن ونصف عرفت في جميع أوربا فاقتبس النورمانديون في الحال الدين المسيحي واللغة الفرنسوية (ولم يتكلم باللغة الدانيمركية إلا في بايو) وتألفوا مجتمعاً وكان هذا المجتمع المؤلف من قرصان عَلَى نظام وترتيب أكثر من غيره. فكان الدوق مطاع الكلمة فيهم يعدل بين قومه كلهم وإقليم نورمانديا الوحيد في أقاليم فرنسا الذي حظرت فيه الحرب الخاصة وكان العدل منظماً عاماً