مجله المقتبس (صفحة 5333)

نالت حظاً أوفر (مثل بوفي وليل وديجون وناربون وتولوز) فقد رخص لسكانها أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم وهناك كانت المديريات الحقيقية. جاء في صك العهد الذي نالته مدينة بوفي أن كل واحد يعاون الآخر ولا يسمح بأن يؤخذ منه شيء. وكان يكفي إذا اعتدى غريب عَلَى أحد سكان ليل أن ينادي للبرجوازية أي بالسكان المدينة فيهرع إلى نجدته من كان حاضر منهم ومن يختلف يغرم وللمديرية ما للفارس من حقوق فلها أن تحارب أعدائها وتخرب بيوتهم. ولها طابع تختم به عهودها علامة عَلَى حقها كما أن لها خزانة تضع فيه مالها ومرقباً فيه جرس تدعو به سكان المدينة إلى حمل السلاح (والمرقب هو كبرج الجرس عند سكان المدن) ومجلساً بلدياً أي داراً يجتمع فيه رجال المدينة يعني مجلس الرجال الذين يحكمون المدينة.

رجال المدينة - يتألف رجال المدينة من أعضاء المديرية فيكونون تارة أربعة وأخرى اثني عشر وآونة مئة وأحياناً متساويين في العدد ويرأسهم رئيس في الأحايين فيعون في الجنوب القناصل وفي الشمال شيوخ البلد أو مشايخ الحرف أو الحكام يختارون من أشراف المدينة وكثيراً ما ينتخب بعضهم بعضاً أو يتوارثون الحكم أباً عن جد ولم يفكر أحد قط في القرون الوسطى أن يطالب بالمساواة سواء كان ابن المدن أو من الأشراف. ولهؤلاء الأشراف عَلَى السكان سلطة مطلقة فهم الذين يقضون في الدعاوي ويحكمون عَلَى المجرمين ويجبون الخراج ويحتفظون بمفاتيح الأبواب فيمدون السلاسل في الشوارع وقت الخطر ويقرعون جرس المرقب وعلى صوته يهب السكان بأجمعهم مدججين بأسلحتهم ويقفون طوعاً وإرادة رؤسائهم وعليهم أن يحضروا أيضاً إلى المجلس العظم إلى الساحة وإلى المقبرة أو إلى الكنيسة للمفاوضة في المسائل العامة لاسيما قرارات رجال المدينة.

العدل المدني - ليس لابن المدينة أن يأخذ حقه بسلاحه كما هو شأن الفارس بل عليه أن يعمد إلى رجال المدينة أو نائب السيد ليعيدوا إليه حقه المهضوم وذلك في محكمة أبناء المدينة ويطبقوا في هذه المحكمة مقاصل العادة القديمة فالمهان أو قريب المصاب يقف موقف المدعي فيبين الجرم ويركع عَلَى الأرض ويضع يده عَلَى ذخائر القديسين ويقسم بأن ذلك الرجل ارتكب الجرم ويحلف المدعي عليه بالعكس كلمةً كلمة وقد تقضي المحكمة أحياناً عليهما بأن يتبارزا بالعصي ومن غلب منهما يحكم عليه. وإذا أتي المدعي بشهود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015