مجله المقتبس (صفحة 5157)

متوسطة ألا وهي التربية بالتعليم وهذا هو من واجب المعلم فإن وظيفته أن يعلم لا أن يعظ ولكن من مواد التعليم ما له علاقة بالأخلاق مباشرة فيجب والحالة هذه أن لا يفوتنا أن المعرفة ليست أمراً عظيماً ولكن الفائدة في العمل وشتان بين درس استظهره التلميذ بلا غلط وبين الجهد في تطبيق ما تعلمه بالعمل. فقد قال سقراط أن من تشبع بعلم الخير تشبعاً حقيقياً لا يلبث أن يتقدم إلى العمل به. لا جرم أن كل علم لا يؤَثر بحيث يجعل الإنسان أحسن مما هو ولكن علم الأخلاق الصرف هو عامل مهم يؤثر في حياة المرء ويكون ذلك أشد أثراً فيه إذا رأى أساتذته يطبقون بأنفسهم خطتهم عَلَى تعليمهم.

ولقائل أن يقول أي التعاليم يجب أن يعملها الأستاذ هل التعاليم النظرية أمثال تعاليم أرسطو وكانت. أنا أقدر هذه التعاليم قدرها ولكن المدار في تربية الطفل اليوم عَلَى تعليمه معنى الحياة لا الفكر لأن تعاليم ذيتك الفيلسوفين قد لا تقبلهما عقول ليس لها عهد بالتمرن وهذه المبادئ هي الواجب والسعادة والحشمة والحق والحرية والسرور والمصلحة والتكافل والجهاد في الحياة والحياة الاجتماعية والمساواة والحياة الوطنية. أمور كلها تبقى بدون أن يتغلب فيها فرع عَلَى آخر وإذا كانت نظريات مجردة تبقى إلى الإبهام والغموض عرضة للأهواء في تبدلها وللأشخاص في حظوظهم فقد قال ديكارت أن الأخلاق إذا أُريد بها منطوقها لا يتأتى لها تجيء إلا بعد جميع العلوم وكيف تكون الأخلاق تامة والعلوم لا تزال في طور الاتقاء لم تمم وهل يرجى التمام من نقص وأفضل الأساليب يتخذها من يريد في الحياة فلاحة أن يعمل بما يجري عليه أهل العرض والشرف في حياتهم الحقيقية وبعد فإنا كما نلجأ إلى مهندس في حل مسالة في الميكانيكات العملية فنحن أحرى بأن نشاور من صناعته علم الأخلاق والواجبات للحصول عَلَى حل مسالة أخلاقية ولكن لفكرنا الذي تتطلبه الحياة بنظرنا وحديثنا ومطالعتنا ومعلوماتنا علاقة ببعض الأفكار تتراءى لنا أنها أهم وأصدق وأجمل وأكثر متانة من غيرها ومن هذه الأفكار نؤلف قانوناً نرى من الواجب أن لا نخونه وكلما اتسعت معلوماتنا وذهننا يتسع أساس أخلاقنا ويعظم جهادنا ليكون لها اتساق وتماسك.

إن رجل العمل يعلم جد العلم أن الخير مناط بالشر في كل شيءٍ فيتقبل كل ذلك صبرة واحدة عَلَى شرط أن يكون الخير متغلباً عَلَى نقيضه. ولا يسع المربي إلا أن يعلم ما هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015