مجله المقتبس (صفحة 4854)

أو قوله في المدح

إذا أيقظتك خطوب الزما ... ن فنبه لها عمراً ثم تم

أو قول أبي نواس في الغزل

دمعة كاللؤلؤ الرط ... ب عَلَى الخد الثيل

ذرفت في ساعة الب ... ين من الطرف الكحيل

إنما يفتضح العشا ... ق في وقت الرحيل

أو قول البحتري في الاستعطاف

سيدي أَنت ما تعمدت ذنباً ... فأجازى به ولا خنت عهداً

أتراني مستبدلاً بك ما عث ... ت بديلاً أو واجداً منك ندا

حاش لله أنت لتن ألفا ... ظاً وأحلى شكلاً وأصلح قدا

أو قوله في وصف عواطف الحب والبغض

إذا احتربت يوماً ففاضت دماؤها ... تذكرت القربى ففاضت دموعها

شواجر أرماح تقطع بينهم ... شواجر أرحام ملوم قطوعها

عَلَى أن القرن الثالث للهجرة لم يكد ينصرم حتى ذهب معه جمال الشعر العربي وأخذ الشعر يبدو في منظر سمج ومعرض رث.

الكتابة

بقيت صناعة من صناعات الآداب العربي لم نتكلم عنها في الجاهلية ولا في جميع الأعصر العربية إلى الآن وهي الكتابة وأظنكم تعلمون أن الجاهليين لم يكونوا عَلَى شيء منها لمكانهم من الأمية فأما في صدر الإسلام وأيام بني أمية فقد كانت الكتابة موجزة مجزاة إلى أن جاء عبد الحميد كاتب مروان بن محمد آخر الخلفاء من بني أمية فأطال فيها وترسل قفى أثره كتاب العباسيين ولكنهم بالغوا في الأطناب وأغرقوا في الترسل وظهرت في رسائلهم صبغة الفلسفة التي اصطبغت بها عقولهم وقد أخذوا عن اللغات الأخرى كثيراً من الأساليب الجديدة ونبغ فيهم أمثال ابن المقفع والجاحظ وابن وهب ولم يأت القرن الرابع للهجرة حتى أخذت الكتابة العربية في الانحطاط وأخذ التكلف والمحاولة مكان الترسل والسهولة الفطرية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015