الرواندية خرجوا بحلب وحيران وكانوا يزعمون أنهم بمنزلة الملائكة وصعدوا تلا بحلب فيما قالوا ولبسوا ثيابا من حرير وطاروا منه فانكسروا وهلكوا.
ولقد كان لحلب كما كان لغيرها من أمهات المدن الإسلامية غرامة وشدة في التعصب على المخالفين ويعد في سيئات الجامدين تاليهم على الشاب السهروردي الحكيم الإلهي العالم فقد حاورهم فبزهم في حضرة صاحب حلب الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف فلم يروا واسطة لإهلاكه أحسن من الاستشفاع بوالد مليكهم فكتبوا إليه محضرا وبالغوا في عاقبة أمر السهر ودي حتى صدر الأمر إلى الملك الظاهر بقتل هذا الفيلسوف فاختار إن يلتقي الله بمنع الطعام والشراب وعنه وهلك في قلعة حلب فيما بلغني معروف إلى اليوم ناعيا على الدهر أولئك المتلاعبين بالدين والمتعصبين لأهواء نفوسهم زاريا على العصور الظلمات ولو كره السفسطائيون عادا ذلك سيئة لصلاح الدين وان كانت أعمال هذا كلها حسنات وأيامه غررا محجلات. قضى السهروردي ولم يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره وكم مثله من حكيم قضت عليه أهواء معاصريه ولو عمر لملا الدين علماً وعقلاً.
وبعد فقد كان شان حلب في العهد الإسلامي شان سائر مدن الشام دخلت في حكم بني أميه ووليها عمالهم ثم انتقلت إلى أيدي بني العباس ووليها صالح بن علي سنة سبع وثلاثين ومائة فنزل حلب وابتنى بتا خارج المدينة من شرقها قصرا بقربه يقال لها بطياس بالقرب من النيرب وأثاره باقية ذكرها البحتري وغيره في أشعارهم وقد كان جماعة بني أمية اختاروا المقام بناحية حلب وآثروها على دمشق ومنهم هشام ابن عبد الملك انتقل إلى الرصافة وسكنها واتخذها منزلا لصحة تربتها ومنهم عمر بن عبد العزيز أقام بخناصرة واختارها منزلا ومنهم سلمة بن عبد الملك سكن بالناعورة وابتنى بها قصراً بالحجر الصلد الأسود.
ومازال عمال بني العباس يتولون من أمر حلب ما يتولون من سائر بلاد الخلافة حتى ولي المعتصم اشناس التركي الشام جميعه والجزيرة ومصر وجاء القرامطة حلب سنة 290 فقاتلهم أهلها ودخل الاخشيد حلب وافسد أصحابه في جميعه النواحي وقطعوا الأشجار التي كانت ظاهر حلب كانت كثيرة جدا وقيل أنها كانت من أكثر المدن شجرا. وقال ابن