الخطيب: وكانت حلب كثيرة الأشجار وكان موضع باتقوسا (احد أحيائها اليوم) أشجار كثيرة كما ذكر ابن الملا في تاريخه أيضا فقد كان الإخشيد إذا نزل حلب يقطع أشجارها ويحاصرها فإذا أخذها ورجع إلى مصر جاء سيف الدولة بن حمدان وفعل ذلك الفعل وتكرر ذلك منهما حتى فني ما بها من الشجر ولذلك لما أمر الملك المؤيد شيخ بتسقيف قصر القلعة أمر إن يقطع له من الأخشاب من بلاد دمشق فقطعت وجيء بها إلى حلب في غاية الطول ونهاية الغلظ وقيل إن بعض الأخشاب المذكورة كانت من بعلبك ولما جاء الصليبيون حلب سنة 518 اخذوا يقطعون الأشجار من جملة ما أتوه من تخريبها وحدائقها المشجرة اليوم قليلة ليس بينها وبين ضخامة المدينة نسبة.
وتشرب حلب من نهر قويق وهو نهر ينبعث على ستة أميال من دابق ثم يجري إلى حلب ثماني عشرة ميلا ثم إلى قنسرين عشرين ميلا ثم إلى المرج الأحمر عشر ميلا ثم يصب في بحيرة المطبخ وذلك في زمن الشتاء وقال يافون إن مخرجه من قرية تدعى سبتات وقيل إن مخرجه من شناذر قرية على ستة أميال من دابق ثم يمر في رستاتيق حلب ثمانية عشر ميلا إلى حلب ثم يمتد إلى قنسرين اثني عشر ميلا ثم إلى المرج الأحمر اثني عشر ميلا ثم يفيض في أجمة هناك فمن مخرجه إلى مفيضه اثنان وأربعون ميلا وماؤه أعذب ماء وأصحه فيما قال ياقوت إلا انه في الصيف ينشف فلا يبقى إلا نزور قليلة وإما في الشتاء فهو حسن المنظر طيب المخبر وقد وصفه شعراء حلب بما ألحقوه بنهر الكوثر ومن أمثال عوام بغداد يفرح بفلس مطلي من لم ير دينارا وقد أحسن القيسراني في وصفه قوله:
رأيت نهر قويق ... فساءني ما رأيت
فلو ظمئت وأسقي ... ت ماءه ما رويت
ولو بكيت عليه ... بقدره ما اشتفيت
واسم قويق القديم شالوس وسبب تسميته بقويق إن رجلا من رؤساء عشائر التركمان في القرن الرابع للهجرة اسمه قويق آغا انشأ لهذا النهر عدة دود ليجري جرية حسنة فأطلق اسمه على النهر من ذاك الحين وأرباب الرقاعة يسمونه أبا الحسن وهو ينبجس اليوم من قرية اسمها جاغد يغين من إعمال عينتاب ويجري إلى قرية تبعد عن حلب ثلاث ساعات اسمها حيلان ويصب نحو ثلثه إلى حلب تجري إليه فيه عدة ينابيع مجداول من قضاءي