الحوادث واختصار في النصوص وقليل من الإنشاء المكلف المدبج وكثير من الحوادث فتقدر بنظرة خفيفة أن تطلع في خمس دقائق على كل ما حدث ونقل في جريدته المقالات الافتتاحية وتكثر فيها الحياة والعنوانات تلفت النظر أبداً واللهجة أقرب إلى العامية والطبيعة والرسائل البرقية والنظرات الإجمالية مختصرة على الجملة والحوادث كثيرة فالقارئ يتلوها بسرعة غير محتاج إلى تأمل وغاية ما يلزمه قليل من الانتباه فجريدته ولا جرم جريدة رجل العمل المستعجل الجريدة التي تقرأ في المركبة والحافلة والسكة الحديدية والمرء مأخوذ بعمله وبعبارة أصح جريدته حديثة النشأة فهي تحوي جميع الأخبار التي تنشرها الصحف القديمة بتأسيسها ولكنها أجمل في الأسلوب وأقل كلفة على الجيوب أي أن ثمنها نصف ثمن أرخص الجرائد القديمة.
وأما التيمس فقد أنشئت سنة 1785 وهي صاحبة المقام الذي لا يبارى بين صحف العالم بسعة واردها وكثرة أخبارها وصحتها وشدة استقلالها وحسن تلقي آرائها وكانت في أحرج ساعات إنكلترا صوت هذه الدولة وفكرها وهي من حيث الماديات لا تجارى كبيرة الحجم تطبع على ورق ذي 16 إلى 24 صفحة حجم كل منها أربعة أمتار مكعبة وقد حسبوا ما تحتاجه إدارتها كل صباح من الورق فكان عرضه مترين وطوله خمسمائة كيلو متر وورقها جميل متين وحروفها دقيقة حسنة التنسيق والوضع آية في تصحيحها وقد راهن أحد اللوردات على مائة جنيه بأن يخرج لها خمسين غلطة فأحدق في ستة أعداد منها حتى أحصى لها ثلاث غلطات مطبعية وفي إدارتها أربعون شخصاً إذا وقعت لأحدهم أدنى غلطة يطرد من وظيفته ويؤكدون أن أحد كبار مديريها قد أجلس في قاعة الانتظار أحد زوار إنكلترا أكثر من ساعة بينا كان يفتش عن كاتب مقالة مسؤول عنها نسي أن يضع علامة الاستفهام بيد أن قراء التيمس إذا عثروا على غلطة مطبعية لا يلبثون أن يشعروا الإدارة في الحال. ولكثرة عناية التيمس في مستنداتها ومراعاتها الذمة في نقولها وتجويد إنشائها أصبحت المجموعة التي تنشرها إدارتها كل سنة في الأحكام الصادرة أشبه بمجموعة دالوز في القوانين لا يعتمد في التاريخ إلا عليها. وأسرة ولتر هي مالكتها وقد أصبحت منذ سنة 1908 لنقابة خاصة يرأسها أحد أبناء مالكيها الأول ولكن ألفرد هرمسورت صاحب الديلي ميل وكندي جون هما يدها العاملة وروحها المدبرة.