وأكثرت في الدفاع عن قوانين التضامن والمعونة حتى كادت تضر بمصلحة الوطن كل ذلك لتستميل قلوب القوم وتستكثر من القراء وكان في مقدمة الجرائد المسموعة الكلمة في هذا الباب الساهرة على إرضاء الجمهور بالتنزل إلى درجة أفكاره جرائد الدايلي مايل والدايلي اكسبرس والمورنن ليدر التي أخذت بعد قليل من صدورها تطبع مئات الألوف.
وجريدة الديلي ميل هي التي أحدثت هذا التبدل في مظهر الصحافة الإنكليزية وأفكارها وصاحبها واسمه الفرد هرمسورت يدير اليوم بنفسه أو بواسطة رجاله معظم المشروعات الصحافية في إنكلترا. بدأ مديراً لجريدة أسبوعية أسست سنة 1888 وكانت أوشكت أن تكون إلى خطر بصنيع القائمين عليها فأورثها في أقل من سنة حياة خارقة للعادة بحيث بلغ المطبوع منها 78 ألفاً بعد أن كان 13 ألفاً وذلك بأن فتح سباقاً بين القراء ينال فيه جوائز مالية كل من يوفق إليها كأن يضع لهم سؤالاً وهو من يقدر كم دخل مصرف إنكلترا من النقود المعدنية والذي يحزر يكون له راتب يتقاضاه طول حياته قدره ليرة كل أسبوع فاهتم الجمهور لهذه المسابقة وكانت النتيجة بعد أقل من ثلاثة أسابيع أن ارتفعت المبيعات من جريدته الأسبوعية من 78 ألفاً إلى 200 ألف.
وهكذا جرى الصحافي في كل المشروعات التي قام بها بالإيداع في الأسلوب والتيقظ والبذل في سبيل إنجاحها ولما أصدر جريدة الديلي ميل في 4 أيار سنة 396 لم يبع منها نسخة بل أرسلها إلى الوكلاء وجعلها في المستودعات وكان يطبع منها كل يوم مائتي ألف على أسلوب كل مستحدث ولم يكتب له النجاح بعد شهر من صدور جريدته إلا لأنه عرف حاجات الجمهور ورغائبه فقد كان القوم قبله يتلون الجريدة ليقفوا على رأيها في الحوادث والرجال ويأخذوا منها وذلك بأثمان تختلف من العشرة إلى العشرين إلى الثلاثين سنتيماً يبذلونها ولا يخافون أما اليوم فإنهم يبتاعون الجريدة للوقوف على ما يجري مثل الأنباء الخارجية والحوادث المختلفة وأخبار المحاكم والآراء في الأزياء والرياضات مهما يهتم له جمهور الناس ويميل إليه أكثر من جميع المناقشات الفكرية يريد أن يتناول معلومات بأرخص الأثمان وقد نشأ هذا النشوء في الأفكار في حالة الحياة الجديدة وما تتطلبه من السرعة والمضاء ومن انتشار التعليم العام وكان الفضل لصاحب الديلي ميل الذي لاحظ ذلك قبل غيره وعرف من أين تؤكل الكتف فيه ففي جريدته مثال جديد من الفواصل بين