مجله المقتبس (صفحة 4361)

حضارتها الحق أن تكون قوية لئلا تفقد في حروب الغد تراثها من الحكمة والجمال.

وإنَّا إذا أطلقنا اليوم كلمة عنصر فذلك لأنها أصبحت مشابهة لكلمة بلاد أو سكان البلاد فليس معنى قولنا عنصر الفرنسيين أنه كلهم من أصل غالي كما يدعي بعضهم بل قد امتزج بهم نحو ستين عنصراً وشعباً أقانت في فرنسا أو اجتازت بها فمنهم الاكيتون والبلجيكيون والغاليون والليكوريون والسميريون والنوتونيون والسويفيون والألمانيون والسكسونيون والفانداليون والسمرتيون والسبكيون والفسكونيون والفينيقيون الذين أكثروا من المستعمرات ومن جملة مستعمراتهم مدينة نيم وهي أجل مدنهم ثم العرب والسلافيون والفيندليون والتفاليون والروثنيون والاغاتيرسيون والبورغونديون والبلاسجيون والصليبيون والثيرنيون والاتروسكيون واليهود المراكشيون والأندلسيون الذين زحزحهم ديوان التفتيش عن أرضهم وديارهم ثم أن الفرنسيس الويغريون والمغول والهونسيون والاوز والخزر والابر والكومانيون وغير ذلك العناصر والشعوب مثل البولونيين والهلفتيين (السويسريين) والايبريين (الإسبانيين) وغير ذلك وربما بعض الزنوج.

فوحدة الدم ليس بينها وبين ما تمتاز به أمة من الصفات الأخلاقية والعقلية بل أن امتزاج دم الشعوب بعضها ببعض تزيد في قيمة الشعوب والعناصر وما يدعيه بعضهم من أن العنصر الألماني كان اليوم أرقى من العنصر الفرنساوي لأنه حفظ في دمه شيئاً كثيراً من أصله وهو غلط ووهم لأن العنصر الآري والمدنية الآرية والجنس الآري لم توجد بل هي اختراع يكفي في تزييفه بأن قال بعضهم أن الآريين أتوا من الشرق وقال آخرون أن آسيا وغيرهم من الهند وآخرون من بكتريانيا وغيرهم من البلاد الواقعة بين بلاد أورال وبحر الشمال وادعى بعضهم أن الآريين أتوا من جنوبي غربي سبيريا وغيرهم أنهم من أواسط ألمانيا وغربيها وآخرون أنهم من الشمال وأكد غيرهم أن الآريين هم أوربيون حقاً هذه أقوال علماء اللغة فمنهم من يزعم أن الآريين أتوا من جنوبي غربي أوربا ومنهم من يقول بل من أواسط آسيا وغيرهم أنهم من الغولفا وآخرون من بحر البلطيق. وهكذا اختلف أولئك المشتغلون في ألوان الآريين وجماجمهم وقاماتهم ومدنيتهم وكيف مدنوا غيرهم وما كان عملهم وأظنهم لا يزالون مختلفين في الآريين قروناً بعد لأن الأوهام كالأكاذيب قد تطول حياتها ولا تأتي عليها الشدائد لتنسفها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015