مجله المقتبس (صفحة 4118)

الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها وصالح كلها وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة في شيءٍ وإن أدخلت فيها بالتأويل الخ والبحث جدير بالمراجعة وللإمام نجم الدين الطوفي مبحث واف في المصالح المرسلة لا يستغني عن مراجعته مفت ولا حاكم.

بحث قولهم في الفتوى هذا حكم الله أو فما حكم الله في كذا

المستفتي إما أن يسأل عن حكم منصوص عليه أو مجتهد فيه ففي الأول لا خلاف في جواز قوله: فما حكم الله: وقول مفتيه هذا حكم الله: لأن حكم الله كما قال الغزالي في المستصفى خطاب مسموع أو مدلول عليه بدليل قاطع وفي الثاني أعني المجتهد فيه أن على رأي الجمهور إن لله فيه حكماً معيناً يتوجه إليه الطلب وقد يصيبه المجتهد وقد يخطئه فلا يسوغ أن يقال فما حكم الله ولا هذا حكم الله لأنه مغيب وهو مثل دفين يعثر عليه المجتهد بالاتفاق فلمن عثر عليه أجران ولمن أخطأه أجر واحد لأجل سعيه وطلبه وإن قلنا على رأي غيرهم أنه ليس في الواقعة التي لا نص فيها حكم معين بل الحكم يتبع الظن والفرض على كل مجتهد ما غلب على ظنه فله أن يقول ما حكم الله بمعنى ما شرعه وأذن فيه وذلك هو ما غلب على ظن المجتهد.

وقد لخص هذه المسألة العلامة العضد في شرح مختصر المنتهى بقوله المسألة إما لا قاطع فيها من نص أو إجماع أو فيها قاطع أما التي لا قاطع فيها فقد اختلف فيها فقال القاضي - أبو بكر الباقلاني - والجبائي كل مجتهد مصيب بمعنى أنه لا حكم معيناً لله فيها وحكم الله فيها تابع لظن المجتهد فما ظنه فيها كل مجتهد فهو حكم الله فيها في حقه وحق مقلده وقد قيل لله فيها حكم والمصيب واحد وهو ما للجمهور.

وقد استدل للجمهور بحديث بريدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أوسرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ثم قال له وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا قال المحد ابن تيمية وهو حجة في أن ليس كل مجتهد مصيباً بل الحق عند الله واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015