لها ولا ينكرونها سئل الإمام مالك رضي الله عنه عن ثماني وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري فالله المستعان على هؤلاء الذين شهواتهم غالبة على ديانتهم ويفتون بما ينقدح في أذهانهم ولا يقصرون أنفسهم عما لا يعرفونه وأكثرهم ينطبق عليه الحديث الذي في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.
(قال الإمام أبو بكر الطرطوشي) فتدبروا هذا الحديث فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس من قبل علمائهم فقط وإنما يؤتون من قبل أنه إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبله.
قال وقد صرف عمر رضي الله عنه هذا المعنى تصريفاً فقال: ما خان أمين قط ولكنه اؤتمن غير أمين فخان (قال) ونحن نقول ما ابتدع عالم قط ولكنه استفتي من ليس بعالم فضل وأضل انتهى.
استفتاء القلب
روى الإمام أحمد والدارمي في مسنديهما عن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جئت تسأل عن البر قلت نعم قال: استفت قلبك البر ما اطمأنت عليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك يشير إلى التورع عما هو حلال في الفتوى بحسب ظاهر الحال ولكنه يجد حزازة في قلبه فكل من وجد حزازة وأقدم مع ما يجده في قلبه فذلك يضره لأنه مأخوذ في حق نفسه بينه وبين الله تعالى بفتوى قلبه وتفصيل ذلك في كتاب الحلال والحرام من إحياء علوم الدين.
تغير الفتوى بتغير الأحوال والرد إلى المصالح
عقد الإمام ابن القيم في أعلام الموقعين فصلا لتغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعادات وقال هذا فصل عظيم النفع جداً وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف مالا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به فإن الشريعة فبناها وأساسها على