اللحم لا يؤذي بقدر ما يتوهمه بعضهم بل لا يؤذي إلا عدم الوقوف عند حد في تناوله.
وقد رأى أحد علماء منافع الأعضاء من الألمان أنه يكفي لغذاء الفرد كل يوم 118 غراماً من اللحم وغيره من المواد الدهنية وقال لا بأس يجعلها 145 غراماً لمن يعمل بيديه قال غيره لا حرج من إبلاغها إلى 150 غراماً، وأكد أحد علماء انكلترا بأن من عمد إلى استعمال طريقة فلتشر في الاقتصاد في الطعام وإجادة مضغه يتأتى له أن ينقص نحو الثلث مما يأكل وتجود صحته.
وقد جرب أساتذة من أميركا طريقة تنقيص وجبات الأكل فتخلصوا من أمراض كانت تؤلمهم مثل أوجاع الرثية الروماتيزم والشقيقة والمرة السوداء فعادت إليهم صحتهم ونشاطهم ومنهم من كان أصيب بالسل في الدرجة الأولى فاتخذ طريقة فلتشر فنجا من الموت وأصبح يستطيع أن يتعاطى أعماله العقلية ساعة أو ساعتين متواليتين بدون عناء.
وقصارى القول أنه قد ذكر من اعتمدنا عليه من الافرنج في نقل هذا البحث أن الحياة هي عمل مجموع الوظائف التي تقاوم الموت، وأحسن طريقة في تأثير هذه المقاومة هي أن يتعلم الإنسان علم الأكل والقيام عليه، فالحياة هي علم معرفة التغذية، فمن لنا بشيوع طريقة فلتشر في بلادنا فيزيد الممتعون بصحتهم ويكثر النشاط على الأعمال البدنية والعقلية ويستغنى عن الطب إلا في الأمراض التي يستحيل الآن زوالها من العالم.
إن لتعليم الناس تدبير الصحة أثراً معروفاً عند الأمم في نهوضها وهو من شأن الصحف والمدارس فالصحافة في هذه الديار قائمة على قدر الإمكان بما يفرض عليها في هذا الشأن ولو سار التعليم الابتدائي في الشرق على نحو ما هو عليه في الغرب لا تنفع الناس بما يتلى عليهم ويكتب لهم أكثر مما ينتفعون ولا سبيل إلى ذلك إلا بتلقين المدارس مثل هذه القواعد فعلى أساتذة مدارسنا ومديريها أن يلقوا على الأولاد مثل هذه القواعد فتتشر بها نفوسهم منذ الصغر لتنفعهم وتدفع عيالهم في الكبر.