ذيل
على طبقة الحنابلة
اطلعت في الجزء الأول من المجلد السادس من مجلة المقتبس على ما كتبتموه عن (المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد) فسرتني عنايتكم بالحنابلة كما تعنون بغيرهم لما آلت إليه حالهم في هذه العصور الأخيرة من قلة رجالهم وندرة كتبهم وانطماس أخبارهم بعد أن أزهرت بهم مدارس بغداد ومصر والشام وغيرها وأفعمت بتآليفهم خزائن الكتب المشهورة وصدعت بأحكامهم أركان البدع المنتشرة على ما يلاقونه من الفتن والمحن (إلى يومنا هذا) قال أبو الوفا ابن عقيل البغدادي المتوفى سنة 513 وهو ما هو وقد سئل عن الحنابلة (هم قوم خشن تقلصت أخلاقهم عن المخالطة وغلظت طباعهم عن المداخلة وغلب عليهم الجد وقلَّ عندهم الهزل وعزت نفوسهم عن ذل المراياة وفزعوا عن الآراء إلى الروايات وتمسكوا بالظاهر تحرجاً عن التأويل وغلبت عليهم الأعمال الصالحة فلم يدققوا في العلوم الغامضة بل دققوا في الورع وأخذوا ما ظهر من العلوم وما وراء ذلك قالوا الله أعلم ولم احفظ على أحد منهم تشبيهاً إنما غلب عليهم (الشناعة لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار من غير تأويل ولا إنكار) والله يعلم أني لا أعتقد في الإسلام طائفة محقة خالية من البدع سوى من سلك هذا الطريق والسلام.
هذا وقد رأيت أن أكتب إليكم عن ذيل صنف بعد الكتاب المنوء به للسيد محمد كمال الدين الغزي مفتي الشافعية بدمشق المتوفى سنة 1214 في نسخة خطية عندي ذكر في مقدمته سبق أبي الحسين محمد ابن القاضي الكبير أبي يعلى الفرا إلى وضع طبقات الحنابلة واختصار شمس الدين محمد بن عبد القادر النابلسي المقدسي له (ولم نره كذيل الجمال يوسف بن عبد الهادي المقدسي وذيل تقي الدين بن مفلح) وتذييل الحافظ زين الدين بن رجب عليه وجمع العليمي كل ذلك في المنهج الأحمد طبقاته المذكورة ثم ابتدأ الغزي ذيله من أول القرن العاشر حيث وقف سلفه العليمي حتى وصل إلى آخر القرن الثاني عشر في 180 صفحة فجاء في من رجال العلم والدين أمثال جمال الدين يوسف بن عبد الهادي المقدسي صاحب المؤلفات الحديثة والطبية والتاريخية المدهشة المتوفى سنة 909 وشرف