مجله المقتبس (صفحة 4095)

الفاخرة وآثر القصف على القصد فأخذ يطعم على خوانه كل يوم من الألوان المتبلة واللحم الغريض الحنيد والخمور الجيدة ما ساءت باستعماله معدته وكان يقضي الليالي في التدخين وتعاطي الأشربة فظهر الأثر السيء في هذه الطريقة من استعاضته عن المشي على الأقدام بالركوب في العجلات فسمن سمناً مفرطاً حتى لم يمض إلا قليل من الزمن إلا وقد أنكره أصحابه فكثر دمه وتورمت خدوده وثخنت رقبته وأخذت تظهر على سحنته أعراض الاستعداد لداء الصرع.

وفي ذات يوم أصيب عقيب أكلة أكلها بفتور في جسمه دعاه إلى التفكر في صحته فأزمع بما فيه من عزيمة أن يعدل عن طريقته في التغذية ويختار غيرها تكون أشد في الانتظام وأن يتخلص من السمن والربالة لما ينشأ عنهما من الضرر وطفق يسير بجسمه إلى نظام مضمون ذاهباً إلى أن الجسم لا تغذيه كمية الغذاء ولا كيفيته بل شروط الهضم فيه وبين له أن ذلك مناط بلوك الطعام فمن هذه القاعدة وهي: على من يريد أن يعمر طويلاً أن يلوك طعامه كثيراً، هدته التجارب إلى هذه الطريقة التي نسبت إليه فسميت الطريقة الفلتشرية وهي عبارة عن خمس نصائح 1 أن ينتظر المرء الشهوة للطعام 2 أن تستشار الشهوة للطعام في اختيار الأطعمة 3 أن يمضغ الطعام بحيث تستخرج منه جميع المادة المغذية وتترك اللقمة تسوغ إلى المعدة من نفسها 4 أن يخصص للطعام ما يقتضي له من الوقت ولا يعجل في ازدراده وأن يذكر الإنسان أبداً أنه في صدد تناول طعامه فيصرف ذهنه إلى ما هو بسبيله على وتيرة منظمة ويطرد عن نفسه كل ما يلقيها في اضطراب 5 أن يقتنع أن كل وجبة هي عمل واجب في الحياة وأن يحسن القيام به بحيث يتوفر له الوفاء بهذه الغاية.

بالغ فلتشر بذاته في التدقيق بهذه القاعدة فلم تمض إلا بضعة أسابيع إلا وتغير تركيبه، وعاد فأزهر شبابه ولطف قوامه وخف ثقله فأمسى 80 كيلوغراماً بعد أن كان 180 ثم ما عتم أن عاد إليه بعودة قوته الطبيعية نشاطه العقلي، وزال ذاك التعب الذي كان يشعر به أيام كان سميناً مشحماً وشعر بضرورة المشي على الأقدام وأن يعود إلى ما كان أخذ نفسه به من أنواع الرياضات في شنغاي، فظهر له أن قد تغير كيانه وعادت قواه إلى نشاطها في صباه وصفا ذهنه ورأى من نفسه استعداداً إلى العمل وبالجملة شعر كأنه رجع عشرين سنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015