قال: وكان محافظاً على الصلاة والصوم معظماً للشرائع ظاهراً وباطناً ولا يؤتى من سوء فهم فإن له الذكاء المفرط ولا من فقلة علمه فإنه بحر زخار ولا كان متلاعباً بالدين ولا ينفرد بمسائل بالتشهي ولا يطلق لسانه بما اتفق بل يحتج بالقرآن والحديث والقياس ويبرهن يناظر أسوة من تقدمه من الأئمة فله أجر على خطائه وأجران على إصابته إلى أن قال:
تمرض أياماً بالقلعة تمرضاً جداً إلى أن مات لية الاثنين العشرين من ذي القعدة وصلي عليه بجامع دمشق وصار يضرب بكثرة من حضر جنازته وأقل ما قيل في عددهم أنهم خمسون ألفاً.
قال الشهاب بن فضل الله لما قدم ابن تيمية على البريد إلى لاقاهرة في سنة سبعمائة نزل عند عمي شرف الدين وحض أهل المملكة على الجهاد وأغلظ القول للسلطان والأمراء ورتبوا له في مدة إقامته في كل يوم ديناراً ومخفقة طعام فلم يقبل من ذلك وأرسل له السلطان بقجة قماش فردها قال ثم حضر عنده شيخنا ابو حيان فقال ما رأت عيناي مثل هذا الرجل ثم مدحه بأبيات ذكر أنه نظمها بديهة وأنشده إياها:
لما أتاني تقي الدين لاح لنا ... داع إلى الله فرد ماله وزر
على محياه من سيما الأولى صحبوا ... خير البرية نور دونه القمر
حبر تسربل منه دهره حبراً ... حبر تقاذف من أمواجه الدرر
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا ... قام سيد تيم غذ عصت مضر
وأظهر الحق إذ آثاره اندرست ... وأخمد الشر إذ طالت له شرر
كنا نحدث عن حبر يجيء فها ... أنت الإمام الذي قد كان ينتظر
قال ثم دار بينهما كلام فجرى ذكر سيبويه فأغلط ابن تيمية القول في سيبويه فنافره أبو حيان وقطعه بسببه ثم عاد ذاماً له وصير ذلك ذنباً لا يغفر قال: وحج ابن المحب سنة 734 فسمع من أبي حيان أناشيد فقرأ عليه هذه الأبيات فقال قد شتها من ديواني ولا أذكره فسأله عن السبب فقال: ناظرته في شيءٍ من العربية فذكرت له كلام سيبويه فقال ليس بشيءٍ قال أبو حيان: وهذا لا يستحق الخطاب وبقال أن ابن تيمية قال له ما كان سيبويه نبي النحو ولا كان معصوماً بل أخطأ في أكثر من أربعين موضعاً وما تفهمها أنت فكان