وما أنصفت مهجة تشتكي ... أذاها إلى غير أحبابها
وكان ينشد كثيراً:
من لم يقد ويدس في خيشومه ... رهج الخميس فلن يعود خميسا
وأنشد له على لسان الفقراء:
والله ما فرقنا اختيار ... وإنام فرقنا اضطرار
جماعة كلنا كسالى ... واكلنا ما له عيار
تسمع منا إذا اجتمعنا ... حقيقة كلها فشار
وسرد أسماء تصانيفه في ثلاثة أوراق كبار وأورد فيه من أمداح أهل عصره كابن الزملكاني قبل أن ينحرف عنه وكأبي حيان كذلك وغيرهما قال ورثاه محمود بن علي الدقوقي ومجير الدين الخياط وصفي الدين عبد المؤمن البغدادي وجمال الدين ابن الأثير وتقي الدين محمد بن سليمان الجعبري وعلاء الدين ابن غانم وشهاب الدين ابن فضل الله وزين الدين ابن الوردي وجمع جم وأورد لنفسه فيه مرثية على قافية الضاد المعجمة.
قال الذهبي ما ملخصه: كان يقضي منه العجب إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف واستدل ورجح وكان يحق له الاجتهاد لاجتماع شروطه فيه قال: وما رأيت أسرع انتزاعاً للآيات الدالة على المسألة التي يوردوها منه ولا أشد استحضاراً للمتون وعزوها منه كأن السنة نصب عينيه وعلى طرف لسانه بعبارة رشيقة وعين مفتوحة وكان ىية من آيات الله في التفسير والتوسع فيه وأما أصول الديانة ومعرفة أحوال المخالفين فكان لا يشق غباره فيه هذا مع ما كان عليه من المكارم والشجاعة والفراغ من ملاذ النفس ولعل فتاويه في النون وتبلغ ثلثمائة مجلد بل أكثر وكان قوالاً بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم.
قال: ولم أر مثله في ابتهاله واستغاثته بالله وكثرة توجهه وأنا لا أعتقد فيه عصمة بل أنا مخالف له في مسائل أصلية وفرعية فإنه كان مع سعة علمه وفرط شجاعته وسيلان ذهنه وتعظيمه لحرمات الدين بشراً من البشر تعتريه حدة في البحث وغضب وشظف للخصم تزرع له عداوة في النفوس وإلا لو لاطف خصومه لكان كلمة إجماع كان كبارهم خاضعين لعلومه معترفين بشفوفه مقرين بندور خطائه وأنه بحر لا ساحل له وكنز لا نظير له ولكن ينقمون عليه أخلاقاً وأفعالاً وكل واحد يؤخذ من قوله ويترك.