ذلك سبب مقاطعته إياه وذكره في تفسيره البحر بكل سوءٍ وكذلك في مختصره النهر ورثاه شهاب الدين ابن فضل الله بقصيدة رئية مليحة وترجم له ترجمة هائلة تنقل من المسالك إن شاء الله تعالى. ورثاه زين الدين ابن الوردي بقصيدة لطيفة طائية قال كمال الدين السومري في أماليه: ومن عجائب ما وقع في الحفظ من أهل زماننا أن ابن تيمية كان يمر بالكتاب فيطالعه مرة فينتقش في ذهنه وينقله من مصنفاته بلفظه ومعناه.
وقال الأقشهري في رحلته في حق ابن تيمية: بارع في الفقه والأصلين والفرائض والحساب وفنون أخرى وما من فن إلا وله فيه يد طولى وقلمه ولسانه متقاربان.
قال الطوفي: سنعته يقول: من سألني مستفيداً حققت له ومن سألني متعنتاً ناقضته فلا يلبث أن ينقطع فأكفى مؤنته وذكر تصانيفه وقال في كتابه أبطال الحيل عظيم النفع: وكان يتكلم على المنبر على طريقة المفسرين مع الفقه والحديث ويورد في ساعة من الكتاب والسنة واللغة والنظر ما لا يقدر أحد على أن يورده في عدة مجالس كأن هذه العلوم بين عينيه فيأخذ منها ما يشاء ويذر. ومن ثم نسب أصحابه إلى الغلو فيه واقتضى له ذلك العجب بنفسه حتى زها على أبناء جنسه واستشعر بأنه مجتهد فصار يرد على صغير العلماء وكبيرهم قديمهم وحديثهم حتى انتهى إلى عمر فخطأه في شيءٍ فبلغ الشيخ إبراهيم الرقي فأنكر عليه فذهب إليه واعتذر واستغفر وقال في حق علي: أخطأ في سبعة عشر شيئاً ثم خالف فيها نص الكتاب منها اعتداد المتوفى عنها زوجها أطول الأجلين. وكان لتعصبه لمذهب الحنابلة يقع في الأشاعرة حتى أنه سب الغزالي فقام عليه قوم كادوا يقتلونه ولما قدم غازان بجيوش التتر إلى الشام خرج إليه وكلمه بكلام قوي فهمَّ بقتله ثم نجا واشتهر أمره من يومئذ.
واتفق أن السيخ نصراً المنبجي كان قد تقدم في الدولة لاعتقاد بيبرس الجاشنكير فيه فبلغه أن ابن تيمية يقع في ابن العربي لأنه كان يعتقد بأنه مستقيم وأن الذي ينسب إليه من الاتحاد أو الإلحاد من قصور فهم من ينكر عليه فأرسل ينكر عليه فكتب إليه كتاباً طويلاً ونسبه وأصحابه إلى الاتحاد الذي هو حقيقة الإلحاد فعظم ذلك عليهم وأعانه عيله قوم آخرون ضبطوا عليه كلمات في العقائد منكرة (؟) وقعت منه في مواعيده وفتاويه فذكروا أنه ذكر حديث النزول فنزل عن المنبر درجتين فقال: كنزولي هذا. فنسب إلى التجسيم